خيبـ.ـة آمال السوريين بالتدخل التركي في سوريا

تركت الأزمة السورية اثنا عشر عاماً خلفها ودخلت عامها الثالث عشر، كانت ثورة سلمية سورية عفوية تطالب بإسقاط النظام والحرية والكرامة، سبعون دولة عربية وغربية وتحت مسمى مجموعة اتصال دولية توحدت على دعم تلك التظاهرات باسم أصدقاء سوريا، إلا أن تدخل دول عربية وإقليمية وعلى رأسها دولة الاحتلال التركي وقطر؛ وعملها على تجنيد المعارضين في سوريا وتسليحهم، وعسكرة الثورة والاستفادة من تلك القدرات البشرية في تحقيق مأربها وأجنداتها التوسعية الاحتلالية في سوريا. حالت دون توسع تلك المجموعة وتوقفها عن مساعدة السوريين. وبالتالي تلاشي أمال السوريين في تحقيق أي هدف مما سبق ذكره.

تقوم تركيا الاحتلالية بتعزيز نفوذها في أجزاء من شمال وشمال غربي سوريا منذ بضع سنوات، وهو أمر يُنظر إليه من قبل البعض على أنها محاولة منها إلى تتريكها تمهيداً لضمها نهائيا في المستقبل.

إن المناطق التي تحتلها تركيا في سوريا تقدر مساحتها 8835 كم² وتضمّ أكثر من 1000 بلدة، بما في ذلك مدن مثل عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، دابق، جرابلس، جنديرس، راجو وشيخ الحديد.

ولا يقتصر الاحتلال التركي للمناطق الشمالية في سوريا على الجانب العسكري فقط، بل تعمل السلطات الاحتلالية التركية بالتعاون مع الفصائل السورية المعارضة المسلحة الموالية لها على نشر الثقافة واللغة التركية إلى جانب احتكار المشاريع الاقتصادية الرئيسية في المنطقة، في خطوة واضحة لتتريك المنطقة وضمها في المستقبل.

وشنّت تركيا عمليات احتلالية عسكرية ضد مناطق قوات سوريا الديمقراطية، فيما بعد انتقلت الحكومة السورية المؤقتة إلى المناطق التي تحتلها عليها تركيا وبدأت في بسط سلطة جزئية هناك، مثل تقديم الوثائق للمواطنين السوريين. منذ مايو 2017، بدأت تركيا تدعي المنطقة المحتلة أنها “منطقة آمنة”

وخلال السنوات الأخيرة، لاحظ المراقبون ارتفاعا في معدل التدخلات العسكرية التركية بخلاف ما كان يحدث على مدار قرن من الزمان منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، فمن سوريا المدمرة إلى المنطقة الكردية في شمال العراق، ومن قطر الغنية بالنفط إلى الدول الفقيرة في شرق وغرب إفريقيا، ومن البلقان إلى ليبيا.

منذ بداية الانتفاضة الشعبية السورية في عام 2011، وعلى مدى الحرب الأهلية التي تبعتها، سارت تركيا على حافة سكين من السياسات قصيرة الأجل التي عمَّقت من انخراطها في الصراع. كحال العديد من القوى الغربية، فإن أنقرة تبنّت موقفاً حازماً ضد الأسد في البداية، فدعمت المتمردين في محاولة للإطاحة بالزعيم السوري. لكن لاحقاً، وعندما اتضح أن الأسد سيبقى، تخلت تركيا عن كامل المعارضة وقدمت عرضاً للأسد بأنها ستسلم كافة القيادات المعارضة وسجلات عناصر الفصائل المسلحة السورية الموالية لها.

وبالتالي إن التدخل التركي جاء على حساب دم الشعب السوري ومآسيهم لتمرير أجنداتها واحتلال المدن السورية لتحقيق حلمها في عودة العثمانية البائدة. وسرقتها المصانع والمعامل والآثار والشجر من المناطق التي احتلتها.