على مدى الازمة السورية، برزت عشرات التسميات للفصائل المسلحة، منها ما تلاشى واندثر، ومنها ما تأطر في كيانات جديدة تماشياً مع التحولات التي كانت تطرأ تباعاً على المشهد السوري، وتحديداً بشقّه العسكري الذي بلغ أوجه في السنوات الأولى من الأزمة السورية، بعدما دفع العنف المفرط للنظام الهادف لقمع الثورة إلى عسكرتها تباعاً، أما المليشياوية، فطغت على سلوك عدد كبير من التنظيمات والفصائل المسلحة.
وتشكلت الفصائل والمجموعات المسلحة تباعاً بعد الازمة، وأصبحت في ما بعد ألوية وفرقاً وجيوشاً ومليشيات، واستولت قبل عام 2015 (أي تاريخ التدخل الروسي في سورية)، على حوالي 70 بالمائة من جغرافيا البلاد بعد دحر قوات حكومة دمشق عنها، قبل أن تنحسر إلى مساحات صغيرة، ويسود عليها طابع الاقتتال والانتهاكات والتبعية.
والمتبقيان البارزان في المشهد اليوم، هما “الجيش الوطني” هو تحالف من فصائل المعارضة السابقة التي كانت تعمل بمعظمها تحت إطار “الجيش الحر”، والذي أشرفت تركيا على تشكيله في مناطق احتلالها شمال سورية، وتحديداً في ريف حلب وتوسعت به في كل من ريفي الرقة والحسكة بعد السيطرة على مناطق هناك، فيما انضم إليه تحالف “الجبهة الوطنية للتحرير” في إدلب.
أما الفصيل الثانية، فهي “هيئة تحرير الشام” أو (جبهة النصرة سابقاً) التي تنتشر في إدلب، ولها جهاز أمني وآخر مدني كبيران. ومنذ ولادته، سلك هذا الفصيل طريقاً بعيداً عن فصائل المعارضة التي تقاتل تحت لواء الثورة السورية، مع محاولة “هيئة تحرير الشام” في الفترة الأخيرة التظاهر بتبديل منهجها وسلوكها، إلا أنها تابعة لاستخبارات التركية.
ورغم ركوبها موجة الثورة، إلا أنها أدت دوراً كبيراً في القضاء على العديد من فصائل المعارضة ولا تزال مصنفة كتنظيم إرهابي، الأمر الذي حوّل مناطق سيطرتها إلى مناطق خطرة على المدنيين حيث تتخذ ذريعة لقصفهم. وفصائل المعارضة التي قضت عليها “الهيئة” و”جبهة النصرة” سابقاً وهي، جبهة ثوار سورية، الفرقة 30، حركة حزم، جيش المجاهدين، ثوار الشام، حركة الزنكي، بالإضافة إلى تشتيت حركة “أحرار الشام”.
أما في المناطق الثلاث الخاضعة للاحتلال التركي بين أرياف حلب والرقة والحسكة، عفرين المحتلة، رأس العين المحتلة وتل أبيض المحتلة فينتشر حوالي 30 فصيلاً عسكرياً بقوام 40 ألف عنصر يشكلون “الجيش الوطني”، ويتوزعون على ثلاثة فيالق.
الفيلق الأول يضم، لواء الشمال، جيش الأحفاد، لواء سمرقند، لواء المنتصر بالله، أحرار الشرقية، لواء السلطان محمد الفاتح، ولواء الوقاص، فيلق الشام قطاع الشمال، الفرقة التاسعة، جيش النخبة، وجيش الشرقية.
أما الفيلق الثاني فيضم، فرقة السلطان مراد، فرقة الحمزة، سليمان شاه، لواء صقور الشمال، فرقة المعتصم، فيلق الرحمن، وأحرار الشام القاطع الشرقي.
وأخير الفيلق الثالث الذي يضم، الجبهة الشامية، جيش الإسلام، لواء السلام، فرقة الملك شاه، الفرقة 51، صقور الشام، وفيلق المجد.
فبحسب المصادر، كل تلك الفصائل والتشكيلات، تسيطر اليوم على نحو 11 في المائة من مساحة البلاد، عدا عن الجهات التي تريد العبث بالمنطقة مثل روسيا وإيران وقوات حكومة دمشق وحزب الله وداعش.
بالنسبة لأجهزة الشرطة المدنية والعسكرية، فهي ترتبط هناك بـ”الجيش الوطني” بشكل أو بآخر، لكن يسيطر عليها القرار التركي بشكل تام، وهي أجهزة متهمة بالفساد وعدم الكفاءة لا سيما مع الفلتان الأمني وتنامي الانتهاكات كالاغتيالات والخطف والسرقات والاعتقال القسري والتعسفي من قبل تلك الأجهزة ذاتها، بحسب وسائل إعلامية.
وأضافت الوسائل ان هولاء الفصائل يتلقون دعما من تركيا بالأسلحة والذخيرة والمال، فضلاً عن التدريب، حيث يتم تدريبهم في تركيا بمعسكرات تركية، وحشدت تركيا هولاء الفصائل للقتال إلى جانبها في عملياتها العسكرية في شمال شرقي سوريا.
وتقول مصادر، إن هناك فصائل مقربة أكثر من غيرها من الاحتلال التركي، كفصيل “السلطان مراد” الذي يقوده فهيم عيسى، وهو سوري من أصل تركماني، وهو الذي يستلم كتلة الرواتب للفصائل ويوزعها.
وظهرت الفصائل القريبة من تركيا أيضاً في كل من ليبيا وأذربيجان بعدما أوعزت لهم تركيا بإرسال عناصر فصائلهم سوريين إلى هناك في خضم الحرب في العاصمة الليبية طرابلس والذي بلغ عددهم 2000 عنصر من الفصائل وأزمة إقليم ناغورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان حيث ارتفع عددهم هناك الى 1200 عنصر من الفصائل غالبيتهم من التركمان السوريين.
والان تركيا إرسالت نحو 550 عنصر من الفصائل السورية للقتال إلى النيجر، وهذا ما جعل الاتهامات تتوجه نحو “الجيش الوطني” في العموم.
وشهدت مناطق شمال غرب سورية، استياء شعبيا واضحا، بعد تداول أشرطة مصورة تظهر ضراوة المعارك في النيجر، وأخرى تظهر مجموعة من الفصائل السوريين الذين يقاتلون في النيجر إلى جانب تركيا وروسيا، في ظل تكتم الأتراك.
وانتقد مواطنون استغلال حالة العوز لأبناء سورية وتحويلهم إلى فصائل لزجهم في حروب خارج حدود بلادهم.
كما دعا أهالي وناشطون عناصر الفصائل الموالية لتركيا وخاصة العمشات والسلطان مراد، بالانشقاق عنها، ووصفوهم بعبارات قذرة لارتكابهم الانتهاكات بحق أبناء سورية.
وأشار المرصد السوري، إلى أن أولى الخسائر البشرية للفصائل السوريين الذين جندتهم تركيا للقتال في النيجر وصلت، حيث أكدت المصادر وصول 4 جثث لعناصر الفصائل لم يتم التعرف عليهم بعد، وذلك بعد فترة وجيزة من توجه دفعتين متتاليتين من فصائل “فرقة الحمزة” و”فرقة السلطان مراد” و”فرقة السلطان سليمان شاه” المنضوية تحت راية “الجيش الوطني” الموالي لتركيا.
فقد بدأت الاستخبارات التركية بتقليص الرواتب الشهرية المخصصة للعناصر على غرار ما فعلت مع سابقين جندتهم للقتال في ليبيا، حيث تم تسليم جميع العناصر المتواجدين حالياً في النيجر راتب شهري 40 ألف ليرة تركي أي ما يعادل 1250 دولار أمريكي علماً بأن الراتب المتفق عليه مع المقاتلين هو 1500 دولار أمريكي، بحسب المصادر.