العلاقات التركية الإيرانية تُشكل نموذجًا فريدًا في العلاقات الإقليمية، فعلى الرغم من أن البلدين وقفا لسنوات طويلة على طرفَي نقيض في معظم الصراعات الإقليمية المحيطة بهما إن كان في الشرق الأوسط أو في جنوب القوقاز، فإنهما استطاعا إدارة خلافاتهما على مبدأ التعاون التنافسي.
حسب وسائل إعلام ايرانية، فعندما تعرض طائرة رئيس ايران والوفد المرافق له للتحطيم، قدمت تركيا المساعدة والتعاون وأرسلت مسيرة إلى ايران لتحديد موقع تحطم الطائرة.
أكدت التقارير بان على صعيد السياسات الشرق أوسطية، فإن أنقرة وطهران تتبنيان رؤية مشتركة لجهة الحاجة إلى التعاون بين القوى الفاعلة في المنطقة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وفي ظل هذه البيئة الأمنية المضطربة وفراغ السلطة الذي يُحدثه تراجع الدور الأميركي في الشرق الأوسط، فإن مبدأ التعاون بين القوى الفاعلة في المنطقة يترسخ في المقاربتين التركية والإيرانية.
في سوريا، وعلى الرغم من أن الحوار الذي دخلته أنقرة مع دمشق قبل عام برعاية روسية وإيرانية، وتقاطع مصالح أنقرة وطهران ودمشق وموسكو في تقويض الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد، ساعدا في خلق أرضية مشتركة بين تركيا وإيران للعمل المشترك في الملف السوري، إلا أن المعضلة المتمثلة بانسداد أفق التسوية السياسية لإنهاء الصراع السوري لا تزال تُشكل عقبة أساسية أمام كل من تركيا، وإيران، وروسيا لتطوير شراكتها في سوريا، بحسب الوسائل الإعلامية.
وفي العراق، فإن التنافس الطويل بين تركيا وإيران على النفوذ في إقليم كردستان العراق، مازالت مستمرة.
فبحسب المصادر، تصدر ملف الأحزاب الانفصالية قائمة محادثات رئيسي وأردوغان عند زيارت رئيس ايران في أنقرة.
وبالنسبة للحرب على غزة، فإفادت المصادر بان المعارضة التركية والإيرانية المشتركة للحرب، شكّلت أرضية مشتركة للبلدين في مقاربة الحرب، مع ذلك فإنه في الجوهر، يتبنى البلدان سياسات غير منسجمة تمامًا، وتلتقي فقط في الموقف السياسي المعارض للحرب.
فبينما انخرطت طهران في الحرب عبر شبكة وكلائها في المنطقة، وطالبت دول المنطقة بقطع علاقاتها وروابطها الاقتصادية مع إسرائيل، فإن تركيا لا تزال تتمسك بعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل على غرار دول المنطقة الأخرى.
تحولت قضية قره باغ منذ عام 2020 إلى أكبر تحدٍّ يواجه العلاقات التركية- الإيرانية، لذلك فإن زيارة رئيسي لتركيا وزيارة بوتين إلى تركيا أيضًا اختبرتا مدى قدرة الدول الثلاث على تطوير تفاعلاتها في جنوب القوقاز للانخراط في جهد مشترك لتحقيق السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وتنفيذ مشاريع خطوط النقل الجديدة في المنطقة.
وقال المحللون بأن على الرغم من هذه المنافع والاختلافات بين طهران وأنقرة بشأن عدد من القضايا الإقليمية، إلّا أنّ الحكومتين تتشاطران رغبةً قوية في احتواء انتشار الحرب على غزة، على الرغم من الاختلافات الجيوسياسيّة المتعدّدة بين تركيا وإيران، من المتوقّع أن تفصل الدولتان بين القضايا الأخرى بغية المحافظة على علاقاتهما الثنائية وتجنّب تصعيد إقليمي.