تأتي انتخابات مجلس الشعب لحكومة دمشق بعد 4 سنوات على أطول تهدئة في النزاع منذ اندلاعه عام 2011، حققتها حكومة دمشق بدعم من حلفائها خلالها اختراقاً سياسياً بما يخصّ فكّ العزلة الدولية المفروضة عليه، وتحديداً العربية والإقليمية، مع استمرار تعطيله للحلّ السياسي.
حيث يُصِرّ بشار الأسد على إجراء الانتخابات بموعدها الا وهي غدا، لأنها تشكل له عنوان شرعيته الأول، حيث يهتم بمظهر الانتخابات أكثر من جوهرها، لأن نتائجها محسومة له مسبقاً، لكنه يريد أن يُخرجها بمظهر يوافق نظامه القانوني والمعايير الدولية بالحد الأدنى ليواجه الفصائل والمجتمع الدولي بأنه يمتلك شرعية مصدرها انتخابات عامة ومباشرة.
ويتكون مجلس الشعب من 250 مقعداً، وبحسب المحللون بهذا الشأن أن أغلب هذه المقاعد تذهب إلى مرشحين من حزب البعث الحاكم وبعض الأحزاب الصغيرة التي تدور في فلكه. ولا يُنتظر على الإطلاق أن تأتي هذه الانتخابات بجديد يغيّر من الطبيعة الحزبية والفئوية والمناطقية لهذا المجلس، والذي يفتقد أي فعالية سياسية، إذ يُبقيه النظام على هامش الأحداث جاعلاً منه ديكوراً سياسياً لا أكثر.
وبحسب مصادر إعلامية في حكومة دمشق، بلغ عدد المرشحين في انتخابات مجلس الشعب السوري الحالية 8953 مرشحاً، فيما يصر حكومة دمشق على إجراء انتخابات حتى للمناطق الخارجة عن سيطرته من خلال فتح صناديق اقتراع في عدة مدن منها مدينة القامشلي والحسكة، وذلك عبر تهديد موظفيها بخصم رواتبهم إذ لم يدلو صوتهم لأشخاص عينتهم حكومة دمشق.
وأكدت المصادر بان أعضاء مجلس الشعب لا يقدمون ولا يؤخرون وليس بيدهم من الأمر شيء، وبان السلطة حريصة على ألا يدخل المجلس معارض حقيقي لسياساتها، حتى المرشحون المستقلون هم مرتبطون بحكومة دمشق وأجهزته، وهم غالباً تجار أو أمراء حرب يقودون مليشيات تخدم حكومة دمشق.
وذكرت تقارير إعلامية إلى أن حكومة دمشق تسعى من خلال الانتخابات إلى إحداث ثلاثة تأثيرات أساسية، هي: زيادة تمثيل معاقله، والتلاعب بالمرشحين من خلال نظام الحصص، ومنع المنافسة الفعالة بين الأحزاب المتعددة، وهي تأثيرات تؤدي حكماً إلى انتخابات غير عادلة وغير متكافئة، تضمن استمرار هيمنة “حزب البعث”، وتمنع أي فرصة حقيقية للمنافسة الديمقراطية.
لا توجد معايير محددة لعدد أعضاء “مجلس الشعب” المخصصين لكل محافظة، حيث يتم توزيع عدد المقاعد بناءً على تقدير بشار الأسد فقط.
وأعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا مسبقا، موقفها من انتخابات “مجلس الشعب” التابع لحكومة دمشق، والمزعم أن تبدأ غدا.
حيث أكدت الإدارة الذاتية أن الانتخابات الجارية لاتعنيها ولن تسمح بوضع صناديق اقتراع ضمن مناطقها، واعتبرت أن إصرار حكومة دمشق على عقد الانتخابات ليس سوى إصرار على السير في النهج الذي سار عليه منذ بداية الأزمة السورية، ألا وهو عدم رؤيته لأي أزمة في سوريا، وعدم قبوله مشاركة أي أطراف سورية في الحوار السوري – السوري لإيجاد حل للأزمة.
فيما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لرفض أهالي السويداء وضع صناديق الاقتراع الخاصة بالانتخابات في المدينة والريف.
واشار الباحثون إلى أن غاية حكومة دمشق من إجراء الانتخابات الحصول على جزء من الشرعية الخارجية، أما في الداخل فلا شرعية لها على الإطلاق فأغلب الشعب السوري إما مهجر أو معتقل أو مشرد.