بالنظر إلى طبيعة الملفات الشائكة والخلافات بين أنقرة ودمشق لا يمكن أن تكون عملية التطبيع بين الجانبين “سهلة” كما يرى خبراء، ورغم أن التصريحات الرسمية الأخيرة كسرت جزءا من الجمود في العلاقة قد يختلف المشهد بصورته المعلنة عند الغوص بالتفاصيل.
أولى تلك التفاصيل سلطت الضوء عليها صحيفة “الوطن” المقربة من حكومة دمشق، إذ تحدثت عن وجود اتصالات مستمرة بين دمشق وموسكو وعواصم عربية من أجل أن يخرج أي لقاء مع تركيا بتعهد واضح وصريح وعلني بالانسحاب الكامل من سوريا، وفق أجندة محددة زمنيا.
الصحيفة اعتبرت أن ما سبق “ليس شروطا مسبقة”، وقالت إنها “قاعدة أساسية يمكن البناء عليها للبحث في المتبقي من الملفات”، على رأسها دعم الفصائل السورية المسلحة.
حيث ذكرت صحيفة الوطن ايضا أن تركيا بدأت بتضيق الخناق على الفصائل التي تعارض إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، كما قالت الصحيفة بأن الاستخبارات التركية لن تسمح بعرقلة هذا التقارب ولن تتهاون في الرد على أي احتجاجات لهذه الجماعات، ليثما بعد تعرض مقرات تركية للاقحتام و تنزيل أعلامها في الأحداث التي رافقت إعادة فتح معبر أبو الزندين في مدينة الباب.
و بهذا الخصوص أكدت المصادر بان الاستخبارات التركية عقد اجتماعا مع قادة فصائل الجيش الوطني وما يسمى بالحكومة المؤقتة في العاصمة التركية أنقرة الأحد، و جاء في الاجتماع آحقية تركية باتخاذ الإجراءات اللازمة لترسيخ أمنها القومي و تخفيض الضغط الداخلي الناجم عن أزمة اللاجئين السوريين في تركيا إلى جانب تحسين الاقتصاد التركي الذي بدأ بالتدهور بشكل كبير بعد تدخل قواتها في سورية و مساندتها للفصائل.
كما حذرت تركيا بأنها سوف تفرض المزيد من العقوبات على أي تحرك فصائلي في المناطق التي تحتلها من شأنها زعزعة الأوضاع بين الجانب التركي و السوري خاصةً بعد التقارب الكبير الذي حققته تركيا في سبيل إعادة العلاقات.
و أبلغت تركيا تلك الجماعات و الفصائل أنه لن يتم التشاور معهم بهذا الشأن و سوف تمضي قدماً في القرارات التي تناسب المصالح التركية.
و أشارت المصادر بأن تركيا عملت مؤخراً على خفض رواتب الفصائل الذين شاركوا في الأعمال الاحتجاجات ضد الاحتلال التركي في المناطق السورية المحتلة بنسبة 20% و معظمهم من فصائل أحرار الشرقية و الجبهة الشامية.
فيما ذكرت الوسائل الاعلامية بأن بعض فصائل الاحتلال التركي تقوم بالتعاون مع المافيا التركية من أجل تصفية الفصائل المعارضة لتركيا في سوريا ومن أجل احتلال إقليم كردستان العراق، والهدف من ذلك الحفاظ على المصالح التركية.
وبحسب المحللون في هذا الشأن بعد مرور 13 عاماً على القطيعة التي بدأت بعد دعم أنقرة للفصائل و تزويدهم بالأسلحة و المواد اللوجستية في سبيل الإطاحة بحكومة الأسد، تحاول تركيا إعادة العلاقات السورية التركية إلى الواجهة من جديد لثيما بعد الرسائل الإيجابية التي خرجت من الإدارتين بشأن الوصول لحلول إيجابية بين الطرفين.
يأتي هذا في الوقت الذي تهدد فيه تركيا باحتلال المزيد من الأراضي السورية، وكان هذا واضحاً في تصريحات أدلى بها وزير الدفاع التركي مؤخراً عندما تحدث عن خطط لاحتلال كامل الشريط الحدودي مع سوريا والعراق، فإن بشار الأسد كرر موقف دمشق بالتركيز على نقطتين أساسيتين يتوقف عليهما حدوث اختراق في ملف التطبيع، هما انسحاب تركيا من سوريا والتوقف عن دعمها للفصائل، ما يعني عملياً أن هذا الملف لن يشهد أي تطورات، مادامت دمشق جادة ومصرة على موقفها.