منذ نحو أكثر من عام يخيم الفتور على العلاقات العربية-الأمريكية، حيث تسعى الأخيرة لإدارة الصراع في المنطقة ضمن مخططها لتفتيتها وإضعافها، فيما جاءت التحركات العربية الأخيرة مغايرة، تلاقيا مع دول الشرق التي أسست لتعدد الأقطاب في العالم وفي مقدمتها روسيا والصين، الأمر الذي أزعج واشنطن بدرجة كبيرة.
إن التوجه العربي نحو تبريد الملفات وحلها وتصفيرها، وهو تحرك خارج الإرادة الأمريكية، ما دفع الأخيرة لإبقاء الوضع على ما هو عليه ومنع الاستقرار في سوريا، إذ إنها وقفت ضد عودة سوريا للجامعة العربية.
عدم رغبة واشنطن في عودة سوريا للجامعة، وسعيها لإدارة الصراع في المنطقة، دفعها نحو اتخاذ خطوات ضد التحرك العربي، والتي تمثلت في العودة لدعم الفصائل السورية بشكل أكبر يسمح لها بالقيام بعمليات بهدف زعزعة الاستقرار.
وفي ديسمبر/ كانون الثاني 2016، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بحوزته أدلة على أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن تقدم دعما لجماعات الفصائل في سوريا، منها تنظيم “داعش”.
وبحسب المصادر وسعت واشنطن في الآونة الاخيرة لإقناع الفصائل السورية في المنطقة، لتشكيل الجسم الجديد على أن تقدم له الدعم المالي والتسليح، وأن يكون ارتباطه المباشر مع قوات الاحتلال الأمريكي.
وأكدت التقارير الاعلامية بأنه منذ فترة يتم الحديث عن عودة القوات الأمريكية لتنشيط علاقاتها مع فصائل موجودة حالياً في مناطق شمال غرب سويا الخاضعة لسيطرة تركيا، وبشكل خاص الفصائل التي دربتها الولايات المتحدة على الأراضي التركية خلال السنوات الأولى من الأزمة السورية، قبل أن توقف عنها الدعم بسبب قيام تلك الفصائل بتنفيذ الأوامر التركية بعد أن فقدت تلك الفصائل قادتها عبر معلومات استخباراتية قدمتها تركيا لقوات حكومة دمشق من أجل تعيين موالين لها في قيادة تلك الفصائل لضمان ولائها.
وفي السياق، كشف مصادر مطلعة من شمال غرب سوريا، أن القوات الأمريكية بدأت مؤخراً بتدريب وتمويل فصيل نور الدين زنكي.
تأسست كتائب نور الدين زنكي في عام 2011 وتولت المخابرات الأمريكية تمويل حركة نور الدين زنكي وقامت بتدريب وتسليح عناصرها في تركيا، حيث كان هذا الفصيل، أول فصيل يحصل على أسلحة متطورة وتحديداً صواريخ “بي جي إم- 71 تاو” المضادة للدبابات، إلى جانب أسلحة أخرى متطورة ما جعلها الفصيل الأكثر تسليحاً في محافظة حلب.
ولكن هذه الحركة انضمت إلى عدد من المجموعات الأخرى ذات الخلفية السلفية والإخوانية، وتأثر عناصرها بأفكارها، فتحول ولاءها من أمريكا إلى تركيا.
وأوضحت المصادر أن أمريكا ترى في فصيل نور الدين زنكي، قوة يمكن الاعتماد عليها، خصوصاً أن عناصرها انضموا إلى الكثير من الفصائل وتنقلوا بين الفصائل وجرى حل الفصيل من قبل المخابرات التركية بعد أن انتهت مهمته، وبالتالي يمتلكون معلومات استخباراتية عن تحركات جميع الفصائل وهو ما سيسهل عمل الفصيل وحربه ضد روسيا، ايران، تركيا وحكومة دمشق.
واشارت الوسائل الاعلامية الى ان أمريكا تسعى لبناء قوة موحدة من فصائل”جيش العزة” وفصائل “المعتصم” ، بعد أن بدأت تركيا بإطلاق تصريحات التطبيع مع حكومة دمشق والانخراط تماماً في محور استانا الذي يسعى لضمان مصالح إيران وروسيا إلى جانب تركيا، وهو الأمر الذي يزعج الولايات المتحدة.
أن الأزمة السورية لم تكن داخلية، بل تحولت إلى محطة من محطات الحرب الباردة بين الأطراف الدولية، وأصبحت خنجرا لاختراق المنطقة العربية، ساهمت في استفحال الظاهرة الإرهابية التي استهدفت جميع دول المنطقة.