تَخفى أهداف إيران من تغلغلها في سوريا على أحد، ولا ما امتدت إليه همينتها ونفوذها، فقد اخترقت قطاعات إستراتيجية، عسكرية وثقافية واجتماعية واقتصادية، بل حتى قطاع التعليم، وتواصل أذرعها في دمشق التمدد في المجتمع السوري لتستولي على عقول الأجيال وتعيد بناء هوياتهم وتغسل أدمغتهم وتجندهم لخدمة مشروعها، لا سيما في مدينة دير الزور.
ورصدت منظمات حقوقية، سعي طهران إلى تجنيد الأطفال واليافعين السوريين واستقطابهم عبر طرق وأساليب متعددة غالبًا ما تترافق مع علاوة مالية، كالأنشطة الكشفية، أو الدورات التدريبية والمهنية، أو عبر المراكز الثقافية فضلًا عن زجهم بمعسكرات مغلقة بأسماء وشعارات مضللة، لكن مغرية، وذلك يدل على ان ايران تسير على نهج داعش.
ومن أجل إنجاح مشاريعها في سوريا، تطوّر إيران بنية تحتية متكاملة تخدم مشاريعها، فهي تشتري العقارات وتشيّد الحدائق والمرافق الخدمية والمستشفيات الخاصة بالإيرانيين وبرامجهم و”المستفيدين” منها، وتغرق السوق السورية بمنتجاتها.
منذ سيطرة الفصائل الإيرانية على مدينة دير الزور وريفها، سعت لتجنيد الأطفال والمراهقين في صفوف قواتها بطرق مختلفة، منها اتّباع دورات تمهيدية وتعليمية وبدنية وقتالية، كي يصبحوا جاهزين للقتال في صفوفهم.
حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصائل “الحرس الثوري” الإيراني افتتحت دورة تدريبية لنحو 60 طفلاً دون سن الـ 15 في معسكر عين علي الواقع في بادية القورية ضمن مناطق سيطرة قوات حكومة دمشق والفصائل الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي.
وسيتلقى الأطفال تدرييات للدفاع عن النفس ودروس فكرية حول مذهب “ولي الفقيه”، ووفقاً للمصادر، فإن جميع هؤلاء الأطفال تم استقطابهم من خلال المركز الثقافي الإيراني، وعدد من الجمعيات المدعومة من إيران، ومنظمة “الجهاد والبناء” في مدينة الميادين.
وفي عام 2018، بدأت إيران عبر منظمة “جهاد البناء” الإيرانية التابعة للحرس الثوري، ببناء العديد من المراكز الثقافية في كل من دير الزور وحطلة والميادين والبوكمال.
قدمت هذه المراكز الثقافية نفسها للأهالي على أنها جاءت لمساعدتهم ومدّ يد العون لهم، وأنها جاءت لأجل النهوض بالمجتمعات المحلية. فهي في ظاهرها ذات نشاط ثقافي، إلا أنها في الحقيقة لها مهمات أخرى، تشييعية واجتماعية وعسكرية.
تستغل الفصائل الإيرانية الأوضاع المعيشية السيّئة في مناطق دير الزور الغربية، وتعمل على إقناع الأهالي بضرورة تجنيد أطفالهم وأبنائهم وشبابهم في صفوفها، مقابل منح وإغراءات مالية تبدأ من 50 دولارًا شهريًّا، أي ما يعادل ضعف راتب أي موظّف في مؤسسات حكومة دمشق.
وبحسب المصادر ان المسؤول الأمني الجديد لدى فصائل “الحرس الثوري” الإيراني في مدينة البوكمال، المدعو “الحاج أبو علي فجر الدين”، أصدر قراراً بصرف منحة مالية لجميع العناصر تبلغ 500 ألف ليرة سورية.
ووفقاً للمصادر، فسيتم توزيع هذه المكافأة لمرة واحدة من “مكتب الذاتية” التابع للفصائل الايرانية في حي الهجانة بالمدينة، وتهدف هذه الخطوة إلى تشجيع العناصر على الاستمرار في تنفيذ المهام العسكرية والامتثال للتدريبات.
واكد المحللون بان الهدف من تجنيد الفتية والأطفال في المنطقة الشرقية هو إيجاد قوة عسكرية جديدة، يتم إنشاؤها بالكامل على تعاليم الولي الفقيه والمذهب الشيعي والولاء لايران بشكل مطلق، لا سيما بعد الفشل الذريع لـ”حزب الله” بالفترة الأخيرة من تجنيد المزيد من المجموعات من فئة الشباب والرجال.