مع وصوله إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002، حاول رئيس النظام رجب طيب أردوغان توسيع نفوذه في المنطقة، فاتجهت أنظاره إلى الدول العربية مستغلاً أزماتها السياسية والاقتصادية لتحقيق أطماعه، فعقد علاقاتٍ وطيدة مع أحزاب الإسلام السياسي، وقدّم الدعم المادي واللوجستي لها، وحوَّل تركيا إلى ملجأ لنشاطات تلك الأحزاب ومؤسساتها كتنظيم الإخوان والعديد من المنظمات الأخرى.
حيث لا يخفى على أحد أطماع أردوغان فهو بكل ثقة يعلن عبر العديد من وسائل الإعلام التابعة له ولحزبه الأخواني أن هدفه هو السيطرة على البحر الأبيض المتوسط من أجل النفط والحقول البحرية متجاهلاً كل القوانين والأعراف الدولية، فسرقة النفط من سورية وقبرص لم تعد تحقق أحلامه وجشعه.
فمع بدء الازمة السورية، انتهز أردوغان، الفرصة لتحقيق مصالحه وأجنداته في البلاد، وخرج بخطابات شعبوية متباكياً على قضية الشعب السوري، ذارفاً دموعاً أشبه ما تكون بدموع التماسيح. وأشرع أبواب بلاده على مصراعيها لجماعات ما تسمى الفصائل السورية المتمثلة بالائتلاف والعديد من الفصائل المسلحة والإرهابية، ليستخدمهم فيما بعد خدمةً لمخططاته الاحتلالية في سوريا، واستغلالهم كفصائل مأجورين لتنفيذ ما يسعى إليه في دول عربية أخرى، يقاتلون فيها ضد أبناء جلدتهم، فحوّل تركيا إلى معبرٍ للتنظيمات الإرهابية كداعش وأخواتها…إلى سوريا وليبيا والعديد من الدول الأخرى. واحتل قرى وبلدات ومدن في سوريا، وغيَّر ديمغرافيتها بهدف إفراغها من سكانها الأصليين، بأدوات مختلفة منها الجمعيات الإخوانية التي تنشط بأسماء مختلفة تحت غطاء العمل الإنساني، بحسب المحللين في هذا الشان.
وفي العراق أثار تدخل الاحتلال التركي العديد من إشارات الاستفهام، بعد أن عقد صفقات تجارية مع حكومتي المركز والإقليم، وتفاهمات أمنية عزَّزت وجود جيشه داخل الأراضي العراقية، إضافةً إلى خرقه المتكرر لسيادة البلاد، حيث تقصف طائراته بشكلٍ شبهِ يومي مناطق بإقليم كردستان العراق الذي يسعى لاحتلاله بأيِّ ثمن، وسط صمتٍ مُطبق من قبل حكومة الاقليم والعراق.
وقالت الوسائل الاعلامية بان الحرب بالنسبة لاردوغان هي آلة لصنع الثروة والسلطة، فكما كانت تركيا تقوم بتهريب النفط بالتعاون مع تنظيم داعش في سورية، تعيد اليوم السيناريو في ليبيا من خلال الحصول على النفط من حكومة الوفاق مقابل إرسال الأسلحة والدبابات والطائرات لهم منتهكة حظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا من قبل الأمم المتحدة ولا يؤثر عليها لا مهمات المراقبة التي تطلقها الأمم المتحدة ولا تصريحاتها.
وبحسب مراقبين دوليين فأن اردوغان يحاول مواصلة خطته واحتلال بعض دول شمال أفريقيا ومن ثم دول الوطن العربي من خلال خلق شبكة من القواعد العسكرية في طرابلس للبقاء في الشمال الإفريقي.
وكما يعد التواجد التركي غير قانوني في الشمال السوري المحتل، وتواجده في ليبيا غير قانوني أيضاً فهو يقوم بنقل أكثر من 17 ألف فصائل سورية إلى ليبيا لتحقيق أطماعه الاستعمارية يسرقون وينهبون ويعيثون فسادا في الأراضي الليبية والذين سينتقلون بعد ليبيا إلى الدول العربية الأخرى.
وأكدت التقارير الاعلامية بأن الاحتلال التركي يواصل العمل على تعزيز نفوذها في شمال سوريا، وذلك بتبني استراتيجية قائمة على تمتين وجودها العسكري، بالتزامن مع دعم تدخل السلطات بالشؤون المدنية والاقتصادية والأمنية لسكان المنطقة ودعم الفصائل السورية وخاصتا التركمان، والعمل على “تتريكها”، تمهيدا لضمها بشكل نهائي في المستقبل.
واعتاد أردوغان على استغلال هشاشة الأوضاع بالدول العربية، واغتنام الفرص التي تمكنه من تحقيق مآربه في دول الجوار، حتى وإن كان ذلك على حساب شعوبها، مستثمراً المدَّ الديني بهدف تحقيق أحلام السيطرة والهيمنة على الدول العربية.