أردوغان حقيقة المطامع، مساعي الدمار وخلق التفرقة، هل تحتاج إلى دلائل؟

إنه نوع من الخداع للذات حينما يحاول البعض أن يقنع نفسه أو يحاول أن يظهر بأنه مقتنع بالكلام الذي يتحدث عنه أردوغان في تناوله للمنطقة وعلى وجه الخصوص سوريا، لا يوجد أي شيء يمكن أن يكون مطمئناً في الكلام والتهديدات التي لطالما التزم بها أردوغان وبات ذلك موضوعه الرئيسي الآن وهو الهجوم على المناطق الآمنة والمستقرة في شمال وشرق سوريا؛ فهل يمكن أن تكون تركيا دولة تبشيرية تناضل في سبيل مصلحة الشعوب وتريد تحقيق تطلعاتها -الشعوب-؟!.

 لدى البعض ربما ممكن. لكن؛ ماذا فعل أردوغان في سوريا هل تساءل البعض عن ذلك؟ المعضلة السورية وإن كان قد أصبح لها حوالي ثماني سنوات إلا إن الأحداث التي مرّ فيها لا يمكن أن تكون سهلة النسيان وبخاصة وإنها قريبة ولم تكاد تغادر الذاكرة مطلقاً.
أردوغان ضحى بكل من كان يدعمهم في المناطق الجنوبية لدمشق، هو نفسه من ساهم في جعل مدينة منبج نقطة الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي بالنسبة لداعش، جعل من الخط الحدودي بين أعوام 2014 حتى 2016 الخط الوحيد في سوريا الذي تواجد فيه الإرهاب بشكل مكثف، فإذا كان يريد محاربة الإرهاب فلماذا كانت المعابر مفتوحة في كل من تل أبيض، باب الهوى، سري كانيه بين تركيا وبين داعش وقبلها الفصائل الراديكالية؟، لماذا لم يبادر أردوغان في الانضمام للتحالف الدولي ضد داعش؟ لماذا يتحدث اليوم عن الاستقرار وهو نفسه من سّهل مرور الأجانب من عناصر داعش إلى سوريا؟ هل توجد حتى الآن عملية واحدة تركية تمت ضد داعش؟ هل يوجد إرهابي واحد من داعش تم اعتقاله في تركيا عدا عن الشكليات التي تمت في إسطنبول بعض المرات؟.
من المهم أن يعلم الجميع في سوريا والمنطقة وحتى العالم إن أردوغان لا يمكن أن يكون ممثلاً إلا لتاريخ تركيا وناقلاً لجوهر الدولة التركية. لذا؛ من المستبعد أن يكون حافظاً للعهود، ماذا فعل بالأسد مع بداية الثورة، هل يتذكر الجميع كيف كان قبل ذلك ألم يكن يعلم ماذا يجري في سوريا آنذاك؟ ماذا فعل بأمريكا ذاتها ألم يقم بالاتفاق مع روسيا ضد أمريكا ذاتها؟ والآن يريد التضحية بروسيا أيضاً، إلى جانب ذلك أردوغان لا يريد أن يتوقف عند الحد الذي يتحدث عنه لا، بل يريد أن يصل إلى كل المناطق ولطالما يهدد ويتوعد؛ فإن خطر الاحتلال التركي وارد بحكم إن ذلك مبدأ لا يمكن لأردوغان أن يتنازل عنه (الاحتلال والفوضى). لذا؛ لا يزال يريد تأزيم الوضع في العراق، في الخليج من خلال الاستفادة من الشق الحاصل بين قطر ودول الخليج وحتى في ليبيا التي تم ضبط كميات ضخمة من الأسلحة التركية المرسلة إلى هناك قبل أيام. تجاهل سياسة أردوغان ومطامعه في المنطقة وفي سوريا خيانة للذاكرة وللتاريخ وتجاهل للمطالب المحّقة للشعب السوري لا، بل الوقوف ضد المطالب ذاتها من خلال تأييد أو قبول ما يطرحه أردوغان وهنا أتحدث دون شك عن من يدّعون إنهم سوريون ويريدون الحل في سوريا ويتخذون من تركيا مكاناً لعملهم الوطني المزعوم !.
حالة التكاتف والوحدة في القرار والموقف بين مختلف المكونات إحدى أهم الأسباب التي يمكن خلالها التصدي لمخططات أردوغان، إدراك ما يريده وفهم أبعاد مشروعه جزء كبير في إفشاله، إضافة إلى قطع العلاقات مع الدولة التركية من الأطراف التي تريد فعلاً البناء الديمقراطي في سوريا وتريد الحفاظ على الوحدة وعلى الاستقرار والأمان والمساهمة في مشروع الحل الديمقراطي؛ المشروع المنفتح على كل الرؤى الوطنية والمقترحات بغية التطوير والتقدم وخدمة عموم أبناء الشعب السوري.
أما عن الأطراف التي تسّمي نفسها بالسورية وبالمعارضة والكرد بينهم لا بد أن يعلموا ويدركوا حقيقة المرحلة والظروف النوعية التي نمر بها في شمال سوريا وفي سوريا، لا يوجد خلاف مع أي طرف حريص ووطني على التعاون والعمل المشترك، حيث لا يمكن العمل مع تركيا -التي تهدد وتتوعد شعبنا ومنطقتنا- من قبل هذه الأطراف ومن بينهم الكرد وهناك على الدوام ادعاء بضرورة الوحدة الوطنية وخدمة القضية الكردية، الوحدة الوطنية وخطواتها الفعلية تبدأ مع تحديد تركيا كدولة احتلال، وقطع العلاقات معها كون ذلك يضر بالأهداف التي تنادي بها هذه القوى ذاتها، وهنا المسؤولية والأخلاق والحسّ الوطني في اختبار؛ فهل ستتمكن تركيا في الحفاظ على ما اشترته ممن تم ذكرهم أم سنجد الضمير والوجدان يبّت في الأمر؟! في سبيل الوحدة الوطنية الكردية وفي سبيل العمل بروح من التشارك وتقارب في وجهات النظر نحن منفتحون بحكم إن ذلك مسؤولية وواجب وطني وليس توجهاً حزبياً مطلقاً. لذا؛ لا نتعارض مع فكرة الوحدة ما بين كل الأطراف المعارضة وما بين الكرد ذاتهم. لكن؛ لا بد من تحديد ماهية الدولة التركية وقطع العلاقة معها وهذه ليست شروط وإنما دواعي التوافق والاتفاق.