التنظيم المجتمعي والتحرك الذاتي ضرورات دائمة

يتعرض مجتمعنا منذ سنوات لشتى أنواع الهجمات والتي تستهدف وجوده ودوره المهم ومشروعه الديمقراطي؛ هذه الهجمات والتي تختلف مع كل مرحلة ومع كل تطور جديد في الساحة السورية؛ تستوجب آليات المواجهة الفعّالة مجتمعياً بحيث يبرز المزيد من المسؤوليات، إضافة لتلك التي حققت النجاح وانتصرت على المخططات السابقة كافة، نحتاج لأن نواكب حالة الهجمات بما يفشلها ويزيد من قوة ومتانة المجتمع الثوري بحيث تكون مصادر القوة مستمدة من التجارب السابقة في المواجهة والدفاع عن الوجود والهوية مع تطوير تلك التجارب تماشياً مع التصعيد المضاد؛ تطوير جوانب الدفاع والحماية ( في شتى المجالات وكافة الأصعدة) وحماية ما هو موجود توجه ضروري ويحتاج لإبداء ثقافة التحرك الذاتي؛ تلك الثقافة التي تأسست عليها ثورة شعبنا ومنها انطلقت عمليات البناء كافة حتى الوصول إلى القرار الذاتي الحُر والانتصارات بالإمكانات الذاتية.
في سياق النيل من دور مجتمعنا؛ جاء استهداف عفرين والهجوم عليها فيما بعد كان مخططاً يتحد في جوهره مع أهداف الهجوم على شعبنا ومناطقه، وكذلك لا زالت المخططات قيد التطوير على وجه الخصوص مع الوجود الفعلي للإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وقوات سوريا الديمقراطية وقدرة هذه المؤسسات على التأثير في سير المحاولات التي تتم من أجل فرض وقائع ومشاريع على نقيض تام مع حاجة شعبنا وحاجة كل السوريين؛ الأمر الذي يتطلب جهوزية ذاتية ودائمة لإفشال ما يجب إفشاله والاستعدادات لتحرير عفرين.
الهجمات التي تتم وتستهدف كل من القوات العسكرية بحكم دورها الرائد في إثبات جدارتها، الحالة المجتمعية، الاقتصادية، الثقافية، الإعلامية؛ تستوجب دائماً وجود آليات المواجهة الذاتية بحيث تكون المسؤولية في أعلى مراتبها ولا يكون هناك حاجة لأن يتم توضيح الواجبات، بحكم إن الواجب يكمن في الحفاظ على مكتسباتنا على الأرض ودورنا في المنطقة، كذلك سعينا لبناء نموذج ديمقراطي يلبي حاجة شعبنا وكل السوريين.
الحالة التي نريد التوقف عندها في هذا المقال هو ما يحدث اليوم في مناطقنا من حرائق مع بداية موسم الحصاد. في الحقيقة وإن كانت هناك أسباب غير مقصودة لهذه الظاهرة إلا إن الأسباب المقصودة موجودة كذلك وهناك من يريد ومن خلال افتعال الحرائق خدش الحالة التي تحدثنا عنها والواقع المُعاش في مناطقنا، تصنيف هذه المحاولات تندرج اليوم في إطار الحرب الاقتصادية علينا ومحاولة انتزاع رزق الأهالي ومنع أن يكون هذا المحصول الوفير لهذا العام في خدمة التنمية العامة والتطور الاقتصادي.
في هذه الحالة؛ لا بد من أن تكون المسؤولية الذاتية والمبادرة حاضرة؛ نحن نتحدث عن حماية مكتسبات ثورتنا والأهم في هذا الموضوع هو المجتمع ودوره الذاتي في الدفاع والحركة، في المجالات كافة؛ يجب ألا يكون الدور فقط على عاتق المؤسسات المختصة فقط، بل يجب أن يكون المجتمع حاضراً دائماً. لقد أبدت الجهات المعنية بموضوع إخماد الحرائق وحسب امكانياتها المحدودة واجبها ولا تزال. لكن؛ لا بد من أن يكون هناك دور للأهالي أيضاً (المجتمع)، فالكومينات والمجالس ومجالس البلدات لهم دور هام في هذا الوقت كما سائر الأوقات، تنظيمهم لدوريات الحراسة وفرق التدخل حين الحرائق ومجموعات التعاون بين القرى سيخفف من خطر هذه الهجمات حتماً؛ سيكون هناك تراجع مؤكد في نسبة الضرر أيضاً.
كل الأمور التي تحدث اليوم ومن الجوانب كافة، ومن مختلف المجالات وهنا أخص الهجمات المتعددة والواحدة في أهدافها تثبت دور ثورتنا في التغيير ومسارها الصحيح وما حققتها من مكتسبات هي هامة وضرورية للغاية في التغيير السلمي نحو سوريا جديدة. مسؤولياتنا هي التي حققت هذه المكاسب. وللحفاظ عليها لا بد من الاستمرار في أدائها وبشكل ذاتي دون توجيهات مباشرة، نمر بمرحلة حرب مفتوحة صمودنا اليوم حتى الآن دليل قوة وإرادة واستمرارنا يحتاج للقوة والإرادة ذاتها؛ لحماية ما تم إنجازه وإفشال ما يتم ويُحاك ضدنا وكذلك سبيلاً لنصرنا حتى النهاية؛ حيث تحرير عفرين المحتلة ومجتمع قوي يُلهم كل المجتمعات التوّاقة إلى التغيير ومواجهة أعداء الديمقراطية .