الفن كدور وواجب في الثورة الديمقراطية

آلدار خليل –

إن واقع الشعوب في الشرق الأوسط وما يتم فرضه ليس مؤهلاً لأن يكون سبيلاً نحو الاستقرار والاعتراف بإرادة الشعوب وحقهم في العيش بكرامتهم وحريتهم؛ الثورة الحقيقية تكمن في انطلاقها من الواقع الصعب لهذه الشعوب لذا هي ضرورية ومهمة؛ التنوع الموجود في المنطقة وتعدد القوميات والانتماءات عامل مهم؛ لأن يكون هناك ثورة عامة، حيث إن التنوع المجتمعي يتحد في مشاكله ومعاناته، استماتة القوى التي لا تريد التغيير والرافضة لبناء إرادة الشعوب يعود لصراعٍ قديم تحاول فيه الأطراف المذكورة الحفاظ عليه بغية فرض الأمور والتحكم بحياة الشعوب لإستحكامها واستغلالها، لذا النضال من أجل الثورة الديمقراطية والحُرّة مهم ومن كافة الانتماءات والشعوب، وبالتأكيد في جميع المجالات والأصعدة بوتيرة متصاعدة على الدوام.
ما يحدث في سوريا انحراف لثورة شعبية حقيقية عن مسارها الفعلي كونها لم تصمد أمام المحاولات المذكورة التي تطرقنا لها آنفاً من القوى المعارضة للثورات الشعبية النابعة من الحاجة، باتت الثورة في سوريا منقسمة تبعاً لحالة التدخل وباتوا من يسمون أنفسهم دعاة الثورة متأثرين ومحكومين بإملاءات الأطراف المصادرة لقرارهم؛ بحيث باتت الثورة المزعومة مرهونة بالمواقف ورّدات الفعل وتوجهات الدول التي لها أيادي في الوضع السوري، في المقابل جوهر الثورة الديمقراطية الذي بقي موجوداً وحافظت من خلاله الثورة في شمال وشرق سوريا على ذاتها بحكم الالتفاف والثبات من المكونات الموجودة بات واقعاً، لذا تصاعدت الهجمات وزادت الصعوبات التي لا تؤثر على قرار شعبنا كونه اختار طريقاً نحو الحرية والديمقراطية ويؤمن بحقيقة الثورة التي يلزمها النضال والثبات.
تحدثت عن ضرورات النضال من أجل الثورة في كافة المجالات حيث جوانب حياة الشعوب جميعها يجب أن تشملها الثورة كذلك لا بد للجميع وباختلاف إمكانياتهم الانخراط فيها؛ ذات الشيء في الجانب الفني، فن الثورة حيث إن الفنانين لهم دورٌ بارز في الثورة الديمقراطية كونهم وبمختلف اختصاصاتهم ينقلون آلام الشعب ومعاناته؛ ولهم القدرة على التعبير بشكلٍ عملي عن تطلعات المجتمع وإيصال رسالته وفحوى ثورته، هنا ساهم الفنانين في أداء مهامهم في ثورة شعبنا في شمال وشرق سوريا، لكن؛ لا يزال هناك إمكانية لتوسيع دائرة التعبير والوصول إلى المجالات عامة، التطورات مهمة وكثيرة والتركيز على نواحي معينة غير كافي بل لا بد وسط هذا الزخم الثوري الوصول إلى تفاصيل أكثر ونقلها بطرق مبدعة وبروح فنية، طبعاً من كافة الفنانين ومن مختلف التوجهات والانتماءات كون الحالة هي حالة مجتمع والفن نجاحه يكون من خلال تعبيره عن مجتمعه خاصة؛ حينما يكون بحالة ثورة وتغيير ونضال وتضحية وتمسك من أجل البقاء والحرية.
الفنانين يجب أن يكونوا مرآة المجتمع الثوري، ويجب أن تكون رسالتهم رسالة المجتمع ذاتها بطرق ومجالات متنوعة، لا بل يجب أن يقود الفنانين الثورة بذاتها كونهم قادرين على إيصال حقيقتها ونقل صورتها، دور الفنانين في نجاح الثورة هو مماثل لدور كل من يؤمن بالثورة ويقاوم ويضحي حتى بحياته من أجل إنجاحها.
أساس الثورة هو التنظيم والانضباط وفهم الجوهر والهدف، لذا على الصعيد الفني التنظيم مهم، والالتفاف حول الثورة بقوة وقرار وإرادة واجب على الفنانين وحق للمجتمع عليهم، كل من يؤمن بأنه يمثل دور الفنان ومهما كان تخصصه يجب أن يسعى لنقل حاجة وطموح شعبه أيّاً كان انتماؤه وتوجهه؛ الفن رسالة ولا تتأثر بالخلافات والمعضلات الطبيعية منها والمفتعلة، الفنان الحقيقي هو المساهم في تطوير مجتمعه والمساهم في بناءه والمضحي في سبيل كرامة شعبه، نعيش مرحلة مهمة الثورة في كل المجالات والنضال مستمر كذلك الصعوبات موجودة والتضحيات كثيرة، الظروف مهمة للمزيد من التقدم والمساهمة فنياً في الثورة الشعبية في شمال سوريا، التصعيد ومضاعفة الجهود ضرورية فقد قطعنا شوطاً مهماً في الحفاظ على ثورتنا، والثورة المنتصرة هي التي تنتشر وتحقق التغيير في كل مكان، كذلك هي التي تقدم الشهداء بالقوافل وكل شهيد يعطي دافعاً للمضي على خطاه لآلاف الأخرين، الفنانين ثوار كغيرهم في سائر المجالات وهم القادرين على إنجاح الثورة حالما تتوحد جهودهم مع الجهود الأخرى بصورة متممة ليخلق ذلك مشهداً ثورياً لا يمكن إزالته من ذهن الأجيال؛ ولا من واقع الشعوب وتاريخها ومستقبلها.