يرى الأكاديمي والمعارض السوري الدكتور “يحيى العريضي” أن “الائتلاف المعارض” بات عبئاً ثقيلاً على قضية الشعب السوري في الخلاص من الدكتاتورية؛ إذ أن تصرفاته تشبه تصرفات الحكومة السورية في تعاطيها مع مطالب الشعب السوري، حسب تعبيره.
وأكد “العريضي” في لقاء مع “روز برس”، أن “الائتلاف” لا يمكن له أن يخرج عن مسار الخط الذي تسير به تركيا، خاصة بما يتعلق بتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية.
وتوقع “العريضي” أنه من الممكن أن تتمخض المتغيرات الجديدة في الساحة السورية، عن بروز جسم سياسي معارض بهيكلية جديدة، تضم جميع أطياف الشعب السوري.
وهنا أبرز محاور اللقاء:
– ماهي إمكانية تغيير الائتلاف المعارض؟ وهل يمكن إزاحته عن المشهد السوري، خاصة بعد مواقفه من قضية تطبيع العلاقات التركية السورية والتي قابلها الشارع السوري بالرفض؟
هناك إشكالية حيال هذه المسألة، وهي في غاية التعقيد، فالائتلاف استطاع أن يكون عنواناً للمعارضة السورية، وهذا بإجماع مئة وعشرين دولة حول العالم، وهنا تكمن الصعوبة لتغيير هذا العنوان.
ورغم عدم وضوح موقف الائتلاف مما يحدث مؤخراً من تقارب ما بين تركيا والنظام السوري، إلا أنه لا يستطيع الخروج في نهاية الأمر عن المسار التركي، خاصة أن تركيا أيضاً هي الجهة التي تدعم هذا الائتلاف كما يظهر أو كما تقدم نفسها، بالتالي هي ترى (أي تركيا) أن المعارضة السورية والقضية السورية ممثلة من خلال هذا الائتلاف.
الجميع يعرف، وحتى بعض أعضاء الائتلاف أنفسهم يعترفون بذلك، أن ممارسات الائتلاف تتشابه مع ممارسات النظام كثيراً؛ مثل مصادرة قرارات الشارع السوري وطموحاته، هذا عدا عن انتهاجه سياسة الاقصاء.
ولكن كما أن العالم لا يريد إسقاط النظام كذلك لا يريد إسقاط الائتلاف، وهذا مرده لتداخل مصالح الدول الكبرى في القضية السورية، فلكل دولة من تلك الدول سياسات خاصة في التعاطي مع القضية السورية، هذا من جانب، ومن جانب آخر، تريد جميع هذه الدول تصفية حساباتها الإقليمية والدولية فوق الأرض السورية وعلى حساب السوريين وقضيتهم.
في نهاية الأمر، إن مجرد سحب الثقة من الائتلاف شعبياً، يجعله مشلولاً، ومجرد أداة بيد الآخر. ولكن عدم الفاعلية هذا، يجعل منه حالة مؤذية للقضية السورية؛ وستجد السوريين يسقطونه ليس معنوياً فقط بل فعلياً وعملياً.
ويجب أن يعلم الجميع، أن الشعب السوري بات يرفض الدكتاتورية والاستبداد مهما كان لبوسها، وأنا بصفتي مواطن سوري، ومعارض للنظام، مع إسقاط كل ما يعيق إسقاط منظومة الاستبداد الأساسية، والتي أدخلت البلاد في نفق مظلم منذ أكثر عقد من الزمن بسببها تعنتها وتمسكها بلغة العسكرة، فإذا كان الإئتلاف يعيق ذلك، فليس استثناءً، رغم أنه عنوان.
والسوريون بحقهم وإصرارهم وإرادتهم وجهدهم يستطيعون خلق عنوان للحرية والكرامة والاستقلال.
– ما هو تأثير تطبيع العلاقات ما بين تركيا والحكومة السورية على تطبيق القرار الدولي 2254؟
تطبيق القرار 2254 لا علاقة له بتطبيع علاقات تركيا مع النظام السوري، وأساساً تطبيق هذا القرار لا يستلزم موافقة تركيا.
فالدول التي صاغت هذا القرار، والتي أقرت به، واعترفت بأحقية تطبيقه، في واقع الحال نراها أبعد ما تكون عن تطبيقه عملياً.
عدا عن ذلك، هناك قرار وقف إطلاق النار، وهو قرار عليه إجماع دولي أيضاً، ولكننا نلاحظ أن روسيا حولته، أو بالأحرى استثمرته لصالحها ولصالح تركيا فقامت بتحويره من قرار إلزامي وشامل لوقف إطلاق النار، إلى قرار إنشاء مناطق خفض التصعيد.
بالمجمل، الجميع يتحدث عن القرار 2254 ولكن لا يوجد نية عند أي طرف لتطبيقه.
– ما هو تقييمكم للمواقف الأوروبية حيال مسألة تطبيع العلاقات ما بين تركيا والحكومة السورية؟ وهل للحرب الأوكرانية تأثير على ذلك؟
بلا شك أن ذلك صحيح، فالحرب الأوكرانية لها تأثير حاسم ليس فقط على أوروبا، بل على جميع الدول المتدخلة بالملف السوري.
وخاصة تركيا، كونها من دول حلف الناتو، وهي تؤثر كثيراً على أوروبا في العديد من الملفات، وخاصة بما يتعلق بانضمام السويد وفنلندا إلى الحلف كما في الوقت الراهن.
فالأوروبيون، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا أصبحوا بين المطرقة والسندان، إذ أن تركيا تتناغم كثيراً مع روسيا من جانب، ومن جانب أخر تريد منها أن تتخذ موقفاً داعماً لها في ما يجري في أوكرانيا، ومن هذا المنطلق نرى أن موقف أوروبا تجاه مسألة تطبيع العلاقات ما بين تركيا والنظام السوري موقفاً ليس حاداً.
لكن الثابت في المواقف الأوروبية حتى اللحظة هو موقفها تجاه إعادة العلاقات ما بينها وما بين النظام السوري، وهذا يعني أنه لن يكون لها مساهمة في إعادة الإعمار في سوريا، وبالتالي لن تكون داعماً لأي حل سياسي مغاير لما تريد.
– في الآونة الأخيرة جرت وتجري لقاءات وتُعقَد مؤتمرات؛ فهل من الممكن أن نرى هيكلة جديدة لمعارضة سورية وطنية تمثل جميع أطياف الشعب السوري؛ وأخص الكرد ومظلوميتهم؟
في الحقيقة هذا الأمر بات ملحاً اليوم وضرورياً، خاصة أن السوريين فقدوا ثقتهم بالائتلاف، ومن الممكن أن نرى جسماً سياسياً يعبر عن طموحات السوريين بكل أطيافهم، وهذا الأمر دعت إليه الثورة السورية منذ انطلاق شرارتها الأولى.
بالمجمل السوريون يعرفون بنسب متفاوتة مظلومية إخوتهم في الوطن، “الكورد”؛ إلا أن الجميع كان تحت مقصلة اضطهاد واستبداد النظام. علّ الجميع يكونون يداً واحدة للخلاص من تلك المنظومة، ليكون لهم وطن حر مستقل لجميع أهله.