لطالما عمل الاحتلال التركي بوزارة دفاعهه، لتلبية مصالح الحزب الحاكم والهيمنة التي يسعى الاحتلال التركي لإعادتها في منطقة الشرق الأوسط، وذلك عبر استغلالها لما تدعى “بالثورة السورية”، عبر وضع غطاء عسكري على الفصائل المسلحة التي تختلف تسمياتها من زمن لآخر ومن منطقة جغرافية لأخرى، والتي تأسست منذ البداية بغية قتال النظام الحاكم بسوريا واسقاطه، حسب الشعارات والعناوين التي تحملها في طياتها دائماً.
ولكن الضعف في الإدارة العسكرية لدى هذه الفصائل وقلة الدعم اللوجستي والعسكري لها، تدخل الاحتلال التركي مباشرة ووضع كامل سيطرته على تلك الفصائل، بحجة كرهه للحكومة السورية وإصراره على قتاله وإبعاده عن السلطة.
الأمر الذي استدعى الرضوخ الكامل لأوامر الاحتلال التركي من قبل هذه الفصائل التي تعرف بعناصرها السوريين، ومن خلالها بدأ الاحتلال التركي بعملياته التي تصب في مصلحته فقط، دون النظر إلى المصلحة السورية أو حماية ما تدعى “المعارضة السورية” من الحكومة السورية.
وتجلت هذه المصالح عبر سحب عناصر هذه الفصائل بالأكمل من مناطق سورية كانت سيطرت عليها على حساب الحكومة السورية بالقوة العسكرية، كالغوطة الشرقية والقلمون وريف دمشق بالأكمل تقريباً، إلى جانب وصول هذه الفصائل لحدود “عاصمة” الحكومة السورية في الساحل السوري، وسيطرتها على مدن وبلدات بالكامل في الداخل السوري.
كان سحب هذه الفصائل من تلك المناطق وإعادة تسليمها للحكومة السورية تحت مسمى مناطق خفض التصعيد ووقف إطلاق النار، لإجبار عناصر هذه الفصائل للقتال ضد الكرد في الشمال السوري، حيث الغالبية الكردية، وكانت هذه أول حلقة للاحتلال التركي في مسلسل طعن الثورة السورية، مقابل مصالحه.
واستمرت هذه السلسلة عبر السيطرة على عفرين وجرابلس والباب ومؤخراً رأس العين وتل أبيض.
لماذا النيجر؟
نقل الاحتلال التركي دفعات من المرتزقة السوريين تضم المئات من العناصر إلى النيجر،وأن “9 منهم قتلوا في معارك” هناك، دون أن يورد تفاصيل عن ماهية القتال ومجرياته والأطراف التي شاركت فيه، وفق ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان في أكثر من تقرير.
وبدأت روسيا بنقل الكثير من قوات “فاغنر” إلى الدول التي شهدت انقلابات، وآخرها النيجر.
والروس ليسوا الوحيدين الذين وضعوا أعينهم على النيجر في أعقاب الانقلاب، بل كان للأتراك نصيب من ذلك وكذلك الصين وإيران، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
لكن يكمن الاختلاف بماهية التحركات الخاصة بكل دولة عن الأخرى.
ورغم أن الاحتلال التركي يشترك بعدة اتفاقيات معلنة مع النيجر، ووقعته قبل حصول الانقلاب وبعده لا تنص إحداها على نشر جنود لها على الأرض أو حتى إنشاء قواعد والتواجد فيها.
ولذلك تثير التقارير التي نشرها “المرصد السوري” تساؤلات عن الهدف من إرسال “المرتزقة السوريين” إلى هناك، وطبيعة العمل الموكل لهم، وهو ما لم يتضح حتى الآن، رغم أنه تم تطبيق ذلك في ساحات سابقة، كليبيا وأذربيجان.
الأوضاع باتت هادئة في النيجر منذ الانقلاب الذي حصل في 26 من يوليو/حزيران العام الماضي.
وبعدما كان هناك “هزات ومطبات مع دول الإيكواس وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية عادت تلك الدول إلى رشدها، وعرفت أن شأن النيجر لا يخص إلا النيجريين”.
ومع ذلك، يؤكد مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها أن النيجر تواجه مجموعة من التحديات الأمنية، مع انتشار مسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي في مناطق متفرقة من البلاد.
وكانت النيجر التي تعد الحليف الرئيسي للدول الغربية في منطقة الساحل، حتى وقت قريب، استثناء بين مجموعة دول منطقة الساحل التي قوّضها عنف الجماعات المسلحة ونزعة استبدادية مع ميل نحو روسيا، حسب وكالة “فرانس برس”.
في المقابل وبالنظر إلى العلاقة بين النيجر وتركيا يتضح أنها تندرج ضمن الأهمية التي توليها الأخيرة لجميع الدول الواقعة في القارة الإفريقية.
وعلى مدى السنوات الماضية تردد ذكر الاحتلال التركي وطائراتها المسيرة في إفريقيا، وخاصة في أثيوبيا وفي توغو الواقعة غربا.
وكانت دولة توغو قد تسلمت شحنة من طائرات “بيرقدار”، في ظل مكافحتها تسلل المقاتلين الجهاديين الذين ينتقلون جنوبا من بوركينا فاسو.