الحراك التفاوضي والدبلوماسي المكثف، بين المسؤولين الأمريكيين والأتراك، وما يعقد بالتوازي معها من لقاءات أمريكية مع قيادات قوات سوريا الديموقراطية، وفحص التصريحات الرسمية لكافة الأطراف حول المنطقة الآمنة، شمال سوريا، نجد ان المعطيات تشير بشكل لا لبس فيه، الى عدم وجود أي توافق تركي – أمريكي، حيال المنطقة، فيما يبدو ان الطرف الأمريكي الذي يمسك بخيوط المعضلة، هو من يقف أمام نضوج المشروع او فرص نجاح التسويات، فيما يعزوا مراقبين السبب الى عدم رغبة واشنطن بخسارة حليفها المحلي قوات «قسد» التي لن تستطيع تأمين بديلا عنه من المقاتلين الملتزمين بمصالحها.
وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” صرح خلال مؤتمر عقده أمس، الأربعاء، في العاصمة التركية أنقرة، بأن الاقتراحات الأمريكية الجديدة المتعلقة بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا لا ترضي تركيا، وان البلدين لم يتفقا على مدى عمق المنطقة ومن ستكون له السيطرة عليها وما إذا كان سيتم إخراج وحدات حماية الشعب بالكامل منها، مبيّناً أنه ينبغي التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن في أقرب وقت ممكن.
وللمرة العاشرة، ربما، يعلن وزير الخارجية التركي خلال المؤتمر عن نفاذ صبر حكومة بلاده، كاشفا عن نوايا المماطلة التي لا تخرج عنها السياسية الامريكية وقال “نشعر بوجود نوع من المماطلة حيال المقترحات الأميركية الجديدة وقال “يجب أن نتوصّل إلى تفاهم مع واشنطن بشأن المنطقة الآمنة بسوريا في أقرب وقت”.
ويقرأ الخبير في العلاقات الدولية “محمد العطار” عجز اللاعبين الدوليين في تفكيك عقد المنطقة الشرقية الأكثر إلحاحا، موضحا محاولات “واشنطن، التوفيق بين حليفين، محلي واقليمي.
الرئيس التركي أردوغان قال في وقت سابق من هذا العام إن الجيش التركي سيشن هجوما عسكريا على شمال سوريا، وهو ما كان سيُعد ثالث عملية تركية خارج حدودها خلال ثلاث سنوات، غير أنه تقرر لاحقا تأجيل هذه العملية بعد قرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الجنود الأمريكيين من هذه المنطقة. وتقول تركيا إنه منذ ذلك الحين أوقفت واشنطن إحراز تقدم فيما يتعلق بخارطة الطريق الخاصة بمنبج. وحذرت تركيا من أنها قد تشن هجومها عند الضرورة.
كما صرح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، سابقا، إن بلاده لديها القدرة على إقامة «منطقة آمنة» في سوريا بمفردها لكنها لن تستبعد الولايات المتحدة أو روسيا أو أي دول أخرى تريد أن تتعاون في هذه المسألة، فيما شدد أردوغان، على ان هذا الملف كان أحد اهم المحاور الرئيسية للزيارة التي أجراها إلى روسيا، مضيفا ان بلاده تبحث عن سبل ضمان الأمن على عمق 30 ـ 32 كيلومترا بالمنطقة القريبة من تركيا.
ويواصل الحديث التركي عن المنطقة الآمنة، وفروغ الصبر التركي، حيث صرح وزير الخارجية التركي يوم الاثنين إنه إذا لم يتم إنشاء المنطقة الآمنة في شمال سوريا وإذا استمرت التهديدات ضد تركيا فسوف تبدأ أنقرة عملية عسكرية شرقي نهر الفرات.