جاءت المجزرة المروعة رداً على محاولة الاغتيال الفاشلة لرأس النظام حافظ الأسد قبل يوم واحد من المجزرة، وبالتحديد في الـ 26 من شهر حزيران 1980 خلال توديعه للرئيس النيجيري (حسين كونتشي) حيث قام أحد الحراس بإلقاء قنبلة أمام حافظ الأسد، لكن حارساً آخر ألقى بنفسه فوق القنبلة مما أدى لمقتله ونجاة الأسد.
وتم توجيه أصابع الاتهام بالوقوف وراء عملية الاغتيال لجماعة الإخوان المسلمين، لتكون ذريعة لارتكاب أحد أكبر الجرائم المروعة في عهد الأسد الأب.
والمسؤول عن المجزرة كان رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد والذي كان في وقتها قائد لسرايا الدفاع، حيث كلف صهره (زوج بنته) الرائد معين ناصيف بتنفيذ المجزرة.
السجن كان في ذلك الوقت تحت سلطة الشرطة العسكرية، وأول خطوة قام بها ناصيف إبعاد الشرطة العسكرية، لتدخل سرايا الدفاع السجن حيث قاموا بتفقد السجناء وجمعوا المعتقلين المراد إعدامهم في الباحة الرابعة، والتي تضم عدة مهاجع يتسع كل منها لخمسين معتقل تقريباً، ومعظم المساجين في هذه المهاجع من الإخوان المسلمين.
وبعد عملية التفقد دخل عناصر سرايا الدفاع الباحة، وتوزعوا إلى مجموعات، كل مجموعة أمام مهجع بحسب رواية من عاصروا المجزرة، وقبل أن يبدأوا بإطلاق الرصاص ألقوا قنابل على السجناء الذين كانوا داخل المهاجع ولا يعرفون ماذا يحصل، وبعد إلقاء القنابل دخل العناصر المهاجع وأطلقوا الرصاص بشكل عشوائي، وخلال أقل من نصف ساعة كان جميع من في المهاجع قتلى.
والمعتقلين الذين عاشوا تلك اللحظات التي وصوفها بالرهيبة قولهم إن إطلاق الرصاص صاحبه صراخ الضحايا وأصوات التكبير، واعتقدوا بإنهم سيلاقون نفس المصير المرعب الذي كانوا يشاهدونه عبر ثقوب الأبواب.
وبعد الانتهاء من المجزرة بدأ انتشال الجثث من الباحة التي امتلأت بالدماء المتخثرة وذلك بسماكة 10 سم تقريباً، وقام عناصر السرايا بسحب الجثث لخارج المهجع.
وخلال عملية سحب الجثث طلب عناصر السرايا من السجناء القضائيين غير السياسيين كالفارين من الخدمة الإلزامية وتهم قضائية أخرى بتنظيف الدماء محاولين طمس معالم هذه الجريمة بنفس اليوم.
كما أحضروا كلس أبيض لتكليس المهاجع بعد أن تناثرت أشلاء الضحايا على حيطان المهاجع.
وأعداد الضحاية يقدر عددهم بين 700- 800 شخص ولا توجد أرقام دقيقة لكن من خلال بعض السجناء الذين كانوا يسمعون الأسماء أثناء التفقد فأنهم قدروا العدد بين 700- 800 تمت تصفيتهم خلال نصف ساعة.
وكان هناك ضابط أو صف ضابط من سرايا الدفاع يقف عند الباب الرئيسي للباحة وبيده قضيب معدني طويل، وكانت كل الجثث تمر أمامه جثة جثة، وكان يضغط على الجثث بالقضيب للتأكد من مقتل صاحب الجثة.
وبخصوص مكان دفن جثث ضحايا المجزرة “تم نقل جميع الجثث عبر سيارات إلى مكان يدعى وادي عويطة بصحراء تدمر يبعد عن السجن مسافة كيلومترات قليلة، وهو المكان الذي يتم دفن جميع من يتم قتله في سجن تدمر”.
وخلال فترة الثورة السورية التي انطلقت عام 2011 لم يتورع نظام الأسد الأبن في ظل الصمت الدولي، عن مواصلة ارتكاب عشرات المجازر التي بدأها أبوه بحق أبناء الشعب السوري، وبالخصوص بحق المعتقلين والتي كشفت تسريبات القيصر جزءاً من هذه المجازر المستمرة داخل معتقلات الأسد إلى اليوم.