“يُنادى على المعتقل لمراجعة الإدارة، فيجد أن الحافلات بانتظاره، ويبدأ العساكر بضربه حتى يوقع على أوراق ترحيله، ثم يدفعونه للصعود إلى الحافلة، وهناك أيضاً يصعد نحو 8 من عناصر الجندرمة (الشرطة) التركية، ويواصلون ضرب المرحلين بالهراوات”، بهذه الصورة تتم ما وصفه أردوغان “العودة الطوعية” للاجئين السوريين، وفق ما نقلت تقارير إعلامية عن مرحلين قسراً من تركيا إلى سوريا.
يذوق السوريين الأمرين على الأراضي التركية، فتصاعد لهجة العداء والعنصرية من جهة وتعرضهم لضغوط لإرغامهم على العودة القسرية، وإجبارهم على التوقيع على ورقة “العودة الطوعية” بعد اعتقالهم وزجهم في مراكز الترحيل المدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الماضية، من جهة أخرى.
من جانبٍ آخر، يأتي بناء الوحدات السكنية في الشمال السوري المحتل، في إطار مشروع “العودة الطوعية” كما وصفه “أردوغان” للسوريين في تركيا البالغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين، هذه الخطوة من شأنها تغيير ديمغرافية المدن السورية وتركيبتها السكانية ومحو هوية المدينة الأساسية، فكيف يمكن أن يأتي أردوغان مثلاً بأهالي الغوطة الشرقية ويوطنهم في عفرين، “العودة الطوعية” و”الآمنة” ينبغي أن تتضمن وتضمن عودة السوريين إلى أحيائهم ومنازلهم دون أن يتعرضوا للعنف، القتل، الاعتقال، وليس توطينهم في في مدن ومنازل بنيت أساساً لغايات وأهداف سياسية وديمغرافية يسعى لها أردوغان.
إن السوري الذي يقبل بتوطينه في منزل وحي سوري غيره سيخسر حق العودة إلى بلدته، منطقته، قريته، الأساسية أياً كانت.
إن من يعيد اللاجئين بالمئات ومستقبلا بالملايين من السوريين إلى مناطق تفتكها النزاعات المسلحة والانتهاكات بحقوق الإنسان، لا يهمه إن بقي المرحل على قيد الحياة أو قُتل، الأهم أن يعمل على تتريك المنطقة بأي وسيلة كانت بدءاً من تغيير ديمغرافيتها ومحو هويتها وصولاً إلى ضمها وهو الحلم الذي يسعى أردوغان لتحقيقه علناً لتطبيق الميثاق “المللي” في سوريا.
وأفادت تقارير إعلامية بأن عدد المرحلين يصل يوميا إلى نحو 100 شخص عبر منافذ العبور الحدودية الثلاثة باب الهوى وباب السلامة وتل أبيض. وأضافت المصادر بأن 552 شخصا رحلوا عبر معبر تل أبيض فقط منذ مطلع شهر تموز/يوليو وحتى 12 من نفس الشهر، و838 شخصا خلال نيسان/أبريل و966 شخصا خلال أيار/مايو، و1538 خلال حزيران/يونيو. وفي معبر باب الهوى شمال أدلب بلغ عدد المرحلين خلال النصف الأول من العام 6307 أشخاص.
ويدعم بناء المستوطنات التي وصل تعدادها للـ “30” مستوطنة لاستقبال المرحلين قسراً، العديد من الجمعيات العاملة باسم “الإنسانية” و”الخيرية” أبرزها: منظمة “أفاد” التركية و”الرحمة” الكويتية و”قطر الخيرية” و”هيئة الإغاثة التركية” بدأت مؤخراً التخطيط لإنشاء مستوطنات جديدة، تنتشر بالدرجة الأولى في ناحية جنديرس بريف عفرين وهي الأكثر تضرراً من الزلزال الذي ضرب كل من تركيا وسوريا في السادس من فبراير العام الجاري، ومحيط مدينة عفرين وناحية كفر جنة بريفها.