بالرغم من كل المحاولات التي تتم لدى الكثير من الأطراف ولا تزال تمضي في ذلك؛ بهدف تشويه حقيقة دور شمال وشرق سوريا ومكوناتها في مشروعهم الديمقراطي ودورهم في سوريا خاصة فيما يتعلق بالعمليات والمخططات التي يُراد منها ربط حقيقة المشروع الديمقراطي الموجود في مناطقنا بأمور لا أساس لها من الصحة من قبيل الانفصال أو العمل خارج المظلة السورية، إلا إن شعبنا وفي الكثير من المواقف التي تتطلب الجدية والحزم أظهر شعبنا التزامه بالحل والحوار في سوريا كمبدأ أساسي من أجل الوصول إلى حل جامع يحقق الاستقرار والسلام في سوريا.
إن ما يؤهل منطقتنا للحوار ليست عوامل الضعف أو الضغط، بل على العكس، حيث إن ما تحقق اليوم على الأرض من انتصار على داعش القوة الإرهابية التي كانت تشكل خطراً على كل سوريا والمنطقة وحتى العالم وكذلك تطور دبلوماسية الإدارة الذاتية والانفتاح العالمي على ما تم تحقيقه وكذلك التطور الذي نلاحظه اليوم في إجراءات المشروع الديمقراطي وما هو موجود على الأرض من تشاركية وتعددية كل هذا، إضافة إلى بقاء التحالف الدولي في المنطقة جميعها عوامل مهمة وتؤهلنا؛ لأن نكون أقوياء بحكم وجود أوراق وخيارات كثيرة. لكن؛ ما يدفعنا دائماً للحوار هو التزامنا بدورنا السوري وعدم استنادنا في هذا الإطار إلا على الواجب ودورنا المسؤول حيال بلدنا سوريا، حيث إن المعارضة السورية كما تُسمي نفسها وبدعم تركيا ولا تملك ربع ما نملكه من قوة وتنظيم وإدارة وقرار تلعب دوراً سلبياً وتريد فرض الأمور أو جرّها نحو ما يحقق لها المكاسب لا أكثر؛ المقارنة هنا بالرغم إنها خجولة فقط كي أوضّح المفارقة في القوة والتأكيد على إن التزامنا بالحوار والحل مع دمشق نابع من المسؤولية الوطنية والحرص على الحوار السوري ـ السوري ونجاحه.
إن الحديث عن الحوار دون أن يكون هناك إجراء تنفيذي غير هام. لكن؛ مصدر قوتنا اليوم يكمن في إننا أصحاب قرار في حديثنا عن الحوار؛ بمعنى ملتزمين بمخرجاته المحققة للحل والتحول في سوريا على خلاف الكثير من الأطراف الأخرى وهذا مصدر قوة وليس ضعف بكل تأكيد. المحاولات التي تم خوضها من أجل تفعيل الحوار مع دمشق واللقاءات التي تمت كانت في الأساس جهود من أجل الترجمة العملية للحوار السوري إلا إنه وللأسف حتى الآن دمشق لا تزال غير جاهزة لذلك ولا تزال تُصرُّ على معالجة الأمور بمنطقها القديم حتى وصل الأمر لدى بعض مسؤوليها بالتهديد المباشر؛ الأمر الذي يمكن وصفه بأنه غير صحيح مطلقاً.
التفكير بمنطق ما قبل 2011 لا يمكن أن يكون له أية نتائج مفيدة خاصة في ظل التطورات المهمة في المنطقة وسوريا والتغيير الكبير الموجود؛ بمعنى إن الحديث عن الحوار والحل والالتزام بالمنطق القديم تماماً يشبه محاولة حبس الماء في الغربال؛ الأمر متناقض تماماً ولا يمكن أن يكون في أي وجه من الأوجه منطقي ومعقول.
مشروعنا الموجود الآن هو مشروع وطني وسوري ومن أجل كل السوريين بكل تأكيد ولا يمكن لنا أن نفكر خارج الإطار السوري لطالما نقول بأننا ملتزمون بمبادئ ثورتنا بالعمل ضمن سوريا، هدفنا تحقيق التغيير الديمقراطي والوصول إلى ما يحقق الاستقرار والسلام، ونعمل على تسخير كل الإمكانات الموجودة لدينا اليوم فيما يخدم الحل والحوار في سوريا مع تأكيدنا التام بأن أي منطق للتعامل مع الإدارة والواقع الموجود في شمال وشرق سوريا عدا الحوار والنقاش لن يكون في خدمة الاستقرار خاصة في الجانب المتعلق بتجاهل الدور الاحتلالي لتركيا ومخاطر الإرهاب في مرحلة ما بعد انتهاء داعش عسكرياً .