أخبار عاجلة

ألدار خليل: “المجلس الوطني الكردي” لا يمكنه تجاوز الحد الذي وضعته له تركيا

أكد عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي ألدار خليل أن توقف المباحثات بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي هو بسبب توجيهات المخابرات التركية للمجلس، وقال خليل أن “الأنكسي لا يملكون إرادة اتخاذ القرار، وهم مسيرون، فهم كأشخاص أنا أعرفهم جيدا لا يمكنهم تجاوز الحد والعتبة التي وضعتها لهم تركيا”.

حديث عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي ألدار خليل جاء خلال حوار ضمن برنامج (مع صناع القرار) الذي عرض أمس الأربعاء على شاشة قناة روجآفا، والذي تحدث فيها عن الملفات الكردية والكردستانية والانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والمباحثات الكردية، وخطاب الأسد حول اللامركزية وغيرها من الملفات، وجاء الحوار على الشكل التالي:

1-صعدت تركيا مؤخراً هجماتها على عموم الكرد في كردستان بدءا من باشور وشنكال ومروراً بشمال شرق سوريا ومساع إغلاق حزب الشعوب الديمقراطية في باكور، كيف تقرأون الأهداف التركية الاستراتيجية من هذا التصعيد؟

معلوم لدى الجميع أنه بعد انهيار العثمانية تم إنشاء الجمهورية التركية، وهي بالأساس تم تأسيسها على أنقاض تلك الإمبراطورية، وكان الهدف الأساسي لبناء تركيا إبادة كافة المكونات الأخرى ماعدا الترك في هذه الجغرافية، وعندما تم تقسيم المنطقة في القرن الماضي اشترطت تركيا أن تكون لوحدها المسيطرة على هذه الجغرافية، ومن حينها منذ عام 1923 وحتى الآن لديها هاجس بأن وجود باقي المكونات تهدد وجودها، فهي أبادت في التاريخ القديم الأرمن والسريان والآشور وقاموا بحملات إبادة ومجازر بحق الكرد، وحتى في الدول المجاورة لها حين يرون أي مكون لديه فرصة للتطور والتقدم يتدخلون لمنها من التطور أو نيل الحرية، فحين كانت هناك حروب بين الكرد وحكومة صدام حسين، وحين كانت حكومة بغداد ترغب حينها في الاتفاق مع الكرد، كانت تركيا تتدخل لمنع ذلك، وتقول أن ذلك يهدد أمن تركيا، وفي نفس السياق في سوريا، فمنذ بداية تأسيس سوريا كان من المعلوم أن حينها غالبية الرؤساء والقادة في سوريا كانوا من الكرد، ولكن تركيا تدخلت بعدها ومنعت من تقديم أي تسهيلات للكرد في سوريا، وفي نفس المنظور بالنسبة لإيران، أي أن تركيا لاتقبل أي وجود للكرد، وفي باكور كردستان أحرقت آلاف القرى الكردية، فهي لديها معادلة تقوم على أساس أن وجود التركي مرهون بإبادة الكرد، وبحسب هذا المنظور فإن كل من يدافع عن حقوق الشعب الكردي أو يطالب بالمساواة والديمقراطية والعدالة فإن تركيا تصفهم بالإرهابيين.

ولذلك حين وجدت تركيا الشرق الأوسط تعيش مرحلة جديدة وتعيش مرحلة ربيع الشعوب، لذا تدخلت بشكل مباشر لمنع الكرد من تحقيق أي حقوق مشروعة، وحتى أنهم يقولون أنه حين لم يتدخلوا في العراق حين سقوط صدام والسماح بنشوء كيان كردي في العراق فإنهم ارتكبوا خطأ حينها لعدم تدخلهم، لذا اليوم يتدخلون في سوريا وذلك باسم دعم المعارضة، وفي نفس هذا الإطار نراهم يقصفون جبال كردستان في باشور كردستان، هم يقصفون الثوار الكرد وشنكال وأي مكان يشعرون أن فيه نشوء لأي توجه كردي يطالب بالديمقراطية، ويرونه خطرا على أنفسهم، وبذلك أصبحت تركيا خطرا على أمن المنطقة عامة، وهي تبيد الكرد في سوريا والعراق وتحارب الكرد دبلوماسيا في جميع أنحاء العالم، لذلك استمرار سياسات الإبادة باتت العنوان الواضح لتركيا في المنطقة، وهي حين تمنع الاستقرار والسلام في سوريا، فهي نابع من خوفها من تحقيق نظام ديمقراطي في سوريا ويحصل فيها الكرد على حقوقهم المشروعة وإزالة الظلم الذي تعرضوا ويتعرضون له، وحتى هجماتهم على باشور وضرب الحركة الكردية ومحاولات خلق فتنة كردية كردية يؤكد أن تركيا ربطت وجودها بفناء الكرد.

2-ولكن مقابل هذا الخطر التركي على عموم الكرد في كردستان لازال الكرد في حالة تشتت فلا المباحثات الكردية في سوريا وصلت إلى أهدافها، وفي باشور لازال حزب الديمقراطي الكردستاني يتعاون مع تركيا في ضرب الكريلا، ويشهد حزب الاتحاد الوطني حالة صراع داخلي، فكيف للكرد مواجه الخطر التركي بهذا الشكل؟

السبب في كل ذلك هي أيضا يعود إلى التدخل التركي، فهي تسعى لخلق قوى تابعة لها في كردستان والمنطقة، وهدفها ضرب أي تطور في الحركة الكردية وتستهدفه، فمثلا حين كانت مواقف الحزب الاتحاد الوطني الكردستاني مؤيدة لنضال الشعب الكردي وغير متناسبة مع سياسات أردوغان قاموا بتنظيم انقلاب داخلي وفتنة داخلية ضمن الحزب، ودعم طرف على حساب طرف آخر، قد لا تكون تركيا في الواجهة، ولكن هي من دفعت بعض الأطراف لخلق هذه الفتنة، قد تكون هناك أخطاء ومشكل داخلية وتصرفا قام بها طرف داخل الحزب أساءت للطرف الآخر، طبعا نحن لانريد التدخل في هذه الأمور، ولكن في المحصلة التدخل التركي زاد من تعقيد الأمور وبدلا من إصلاح المشاكل ومعالجة القضايا بالحوار بين نفس الحزب والعائلة، قاموا بتوجيه طرف ضد طرف آخر، فتركيا دفعت بعض الأطراف الكردستانية الأخرى لتحريض طرف ضد الآخر.

أما عن حزب الديمقراطي الكردستاني، نعلم أنه يحتاج إلى تركيا لبيع البترول عبر الأراضي التركية، وللتجارة مع أوربا، واستخدام بنوكها في بعض الأمور التجارية، ولهذه الأمور ربط الحزب وجوده برضا تركيا عنه، وهذا ماجعله يتحرك بتوجيهات تركيا، والأخيرة من الطبيعي لا تريد أن تتحقق المصلحة الوطنية الكردية، وتحرك هذا الحزب لضرب الوحدة الوطنية الكردية، فمثلا في شنكال الإيزيدية التي تعرضت لأكثر من 74 مجزرة، ومع ذلك وبدلا من دعم شنكال والاعتناء بالإيزيديين والحفاظ عليهم لأنهم يعتبرون ميراث تاريخي للعالم وليس فقط للكرد وكردستان، ولكن ما شاهدناه أن تركيا دفعت حزب الديمقراطي الكردستاني إلى التحرك بحسب أجندات تخدم أجندات تركيا ولا تخدم الكرد الإيزيديين في شنكال، وفي نفس السياق تحركاتها تجاه الكريلا فهي تابعة للمطالب التركية، فهم بحسب منظورهم يتحركون وفق سياسات الحفاظ على المصالح، ولكن لا يجب أن يكون سياسة المصالح على حساب ضرب طرف كردي وكردستاني آخر، بالنتيجة تركيا تتحكم في زمام الأمور في باشور، فالخلاف الحاصل بين جدران الاتحاد الوطني الكردستاني تم بناؤه على سياسة وتأثيرات تركيا، وبنفس الشيء تحركات الديمقراطي لضرب الكريلا، وايضاً توقف المباحثات بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، والمجلس الوطني الكردي من المؤكد أنه كان بتوجيهات من المخابرات التركية، فلولا التدخل التركي لما كانت المفاوضات بتلك الصعوبة، ونتيجة التدخل التركي لا يستطيع المجلس الوطني الكردي تبني قبول بعض الأمور، وما أود التأكيد عليه أن تدخل تركيا في الوضع الكردي والكردستاني وعموم دول المنطقة هو دور سلبي ويعمق المشاكل ولايساعد على الحل.

3-ألا يمكن للتدخل الأمريكي أو الفرنسي وضغوطاتها إخراج المجلس الوطني من تحت العباءة التركية وإجباره على إنجاح هذه المباحثات؟

لا. لأن الأنكسي لا يملكون إرادة اتخاذ القرار، وهم مسيرون، فهم كأشخاص أنا أعرفهم جيدا لا يمكنهم تجاوز الحد والعتبة التي وضعتها لهم تركيا، فالأخيرة تتدخل بشكل مباشر عبر بعض الشخصيات في الأنكسي وعبر حزب الديمقراطي الكردستاني، يعني لها خطين للتدخل، والأنكسي لا يملك زمام المبادرة على اتخاذ القرار، فمثلا أثناء الحوارات كنا نؤكد على جملة وهي أن “عفرين محتلة” ولكنهم لم يكن يستطيعون التوقيع على وثيقة مكتوب فيها جملة أن عفرين محتلة، رغم أنهم كرأيهم الشخصي يقولون نعم هي محتلة ولكن كشكل رسمي لا يستطيعون. فهم دائما يقفون ضد الإدارة الذاتية لأن تركيا غير راضية عن وجود الإدارة، وهم لايقبلون المناهج الدراسية لأن تركيا لاتقبلها، فلو وافقت تركيا ستجد الأنكسي يوافقون بكل سهولة، وحتى نحن في الحوارات بتنا لانسعى كثيرا لإقناع الطرف الآخر بشيء ما لأنه حين يقولون هذا الأمر غير ممكن ندرك أن التعليمات وردتهم هكذا لذا لا نجادلهم ونقول لهم اذهبوا وناقشوا وأرجعوا لنا بعد فترة، إذا هم مسيرون وباعتبار أن مركز القرار هي في تركيا ولدى حزب الديمقراطي الكردستاني هذا يعني أن هذه الحوارات ليست مع الأنكسي، وباعتبار أن مواقفهم معادية للإدارة الذاتية والمصلحة الكردية في روجآفا لذا لا نصل إلى نتيجة.

4-ظهر مؤخراً دعوات من قبل شخصيات ضمن المجلس الوطني الكردي تطالب مهجري عفرين بالعودة إلى ديارهم، فما هدفهم من هذه الدعوات رغم أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من فتح مكتب لهم في عفرين؟

هم عندما يطلقون دعوات للمهجرين بالعودة، ويقومون بالدعاية للمرتزقة المحتلين لعفرين ويدّعون بأنها لا تمارس أساليب تتنافى مع حقوق الإنسان ويروجون بأنهم عادلين في إدارة شؤون المنطقة، ورغم أن هذا ليست لقناعة ذاتية لديهم، بل هي نتيجة توجيهات وردتهم من تركيا، فدائرة الحرب الخاصة والمخابرات التركية ترسل لهم بشكل أسبوعي التوجيهات حول السياسية التي يجب اتباعها في الأسبوع القادم وهم يتحركون على هذا الأساس، ونحن نتابع تصريحات المسؤولين الأتراك فحين يتحدث وزير تركي عن أمر ما نلاحظ أن بعض الشخصيات ضمن الأنكسي يقومون بالترويج لنفس الفكرة بطريقة أخرى، أي أنهم يعملون مع المخابرات التركي برداء كردي، إذ كيف يمكن لطرف كردي يدعي أنه يسعى لإحقاق الحقوق الكردية وفي نفس الوقت يشرعن الاحتلال التركي ويدعوا الشعب لقبول حالة الاحتلال؟.

هنا أريد أن أوضح نقطة قد تكون غير واضحة للبعض، فنحن جميعاً مع عودة أهالي عفرين إلى ديارهم، ولكن الفرق أننا نقول يجب أن يعودوا بكرامتهم وبشكل حر وأن تكون عفرين محررة وليس فيها ظلم واضطهاد، ويعودوا لعفرين الكردية والتي كانت رمزا للسلام والتعايش المشترك، ولا نريد أن يتعرض أهالي عفرين للإهانة والتعذيب والاختطاف والاغتصاب، فهذا لايليق بأهالي عفرين، ولكن عندما يقولون عودوا إلى عفرين واقبلوا بالأمر الواقع، فهذا يعني أنهم يقولون لهم عودوا لتشرعنوا الاحتلال، وهؤلاء يمكن اعتبارهم أبواق لتركيا ويمكن تسميتهم بالمرتزقة السياسيين لدى تركيا لأنهم يسعون لتبييض وجه الاحتلال التركي في عفرين، فإن كان لديهم النزعة الوطنية الحرة كان عليهم أن يقولوا أن عفرين محتلة ويطالبوا المحتل الخروج وتسليم عفرين لأهل عفرين.

5-كيف تقرأون الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان، وماهي أسباب وأهداف الانسحاب وهل يمكن مقارنة سياسات أمريكا في أفغانستان بنفس سياساتها في سوريا والعراق؟

أنا لا أسميه بالانسحاب المفاجئ باعتبار أن أمريكا أعلنت قبل عامين أنها ستنسحب من أفغانستان، وهي نتيجة طبيعية بأن يحدث هذا الانسحاب، فقد مضى 20 عام على الوجود الأمريكي وحتى لو استمر 20 عام آخر فإنه سينسحب بالنهاية، والسبب أن التواجد الأمريكي لايعبر عن ثقافة المنطقة وهم ليسوا قوى تابعة للمنطقة وهي غريبة عنها، وهذا الانسحاب إن حاولنا التفكير فيه بطريقة أخرى وسألنا لماذا قررت الانسحاب قبل عامين وكانت النتيجة بهذا الشكل، وإذا سألنا لماذا الحكومة الأفغانية التي تأسست قبل 20 عام لم تستطع المقاومة يوم واحد، بغض النظر عن اتفاق ضمني أو لأ، وهذا يعني أن من كان يحكم أفغانستان كان ضعيفاً لدرجة أنه قبل بالاتفاق وقبل بألا يقاوم والسماح لطالبان العودة للسيطرة على أفغانستان، وهذا يشير أن الثقافة المجتمعية والشعبية والتاريخ الموجود في أفغانستان لم يتأقلم مع الواقع الأمريكي الموجود ولم تصبح أفغانستان ولاية أمريكية، أي أن القوى المجتمعية هناك لم تتفاعل مع التواجد الأمريكي لدرجة أن تقاوم قوى أخرى من أبناء المنطقة حتى وإن كانت هذه القوى يتم وصفها بالإرهاب أو المتطرف، ومع ذلك هي تبقى قوى أفغانية وهي الأقرب إلى المجتمع الأفغاني من أمريكا، وحتى إن كان هناك الآلاف ممن ربطوا مصيرهم بالتواجد الأمريكي أو لديهم أفكار تتناقض مع أفكار طالبان ولكن يبدوا أن الغالبية المجتمعية في أفغانستان ضلت قريبة أكثر من طالبان مما تكون من أمريكا، لذا فإنه رغم تواجد أمريكا 20 عام في أفغانستان لم تحصل على الدعم الشعبي لوجودها، فرغم صدور قرار الانسحاب قبل عامين، لم نرى أي مطالبات من قبل المجتمع والشعب الأفغاني لأمريكا بأن تبقى وألا ترحل.

لذا علينا رؤية الأمر بهذا الشكل، أن القوى الخارجية سواء كانت أمريكا أو غيرها إن كانت موجودة في بلد ما لايمكن التعويل عليها لبناء نظام ديمقراطي دائمي في تلك البلاد، قد يمكن الاستفادة من التواجد الأمريكي لبناء بعض المؤسسات لتطوير بعض الأمور ولكن يجب معرفة أن جوهر وحقيقة الأمور متعلقة بحقيقة وثقافة ذلك المجتمع، وذلك سيصبح في النتيجة هو الأساس.

6-هل يمكن أن تكون لأمريكا سياسات استراتيجية أخرى من وراء هذا الانسحاب بهذا الشكل من أفغانستان؟

قد تكون لأمريكا سياسات أخرى ودوافع أخرى من الانسحاب وخلط الأوراق في المنطق واحراج إيران باعتبار أن أفغانستان لديها حدود مشتركة مع إيران، يعني أن أمريكا بهذا الانسحاب أحرجت روسيا والصين وإيران وخلطت الأوراق وقد تسعى إلى خلط الأمور في الشرق الأوسط، وكل ذلك لها دوافع لسياسات أمريكا الخارجية والاستراتيجية، ولكن ما أريد تسليط الضوء عليه أنه حتى ولو لم تتخذ أمريكا قرار الانسحاب فهناك نتيجة لا يمكن نكرانها أن هذه القوات مهما بقت في تلك البلاد فإنها لن تأخذ صبغة تلك القوى والدول، لأن هذا البلاد له حقيقته الذي يعيشه بموجبه، لذا رأينا أن طالبان سيطرت على غالبية أفغانستان بهذه السرعة، وبقيت بقع صغيرة قد تصبح بؤر للصراعات المستقبلية طبعا وهذا أيضاً يعتبر من أحد أهداف أمريكا، فحين انسحبت أمريكا ليس هدفها تحقيق الاستقرار في المنطقة بل خلق بؤرة جديدة للصراع في الشرق الأوسط.

7-هل يمكن لأمريكا تكرار تجربة أفغانستان في سوريا؟

أولا الوضع في سوريا يختلف عما هو في أفغانستان، لأن الحكومة الأمريكية هي من أسست الحكومة الأفغانية وجيشها، ولكن في سوريا حدثت ثورة والقوى الموجودة على الأرض كانت موجودة قبل مجيئ القوات الأمريكية، ومن جهة أخرى حتى إذا انسحبت أمريكا من سوريا لن تكون نتائجها بالنسبة لأمريكا وللمنطقة مشابهة لما حصل في أفغانستان، لذا فإنني لا أتوقع أن يكون هناك انسحاب على المدى القريب من سوريا، ولكن على المدى البعيد ففي النهاية ستنسحب لأنها ليست من المنطقة، فإن كان تواجها يساعد على تسهيل بعض الأمور ولكن بالنتيجة الأمر مرهون بمدى تنظيم وقوة القوى المجتمعية في سوريا والمنطقة، ففي سوريا والعراق توجد صراعات وأزمات وفي ليبيا واليمن ولبنان، لذلك تواجد هذه القوات الأجنبية في المنطقة تشير في الحقيقة أن هناك حالة صراع لتلك القوى في المنطقة والكل يبحث عن مصالحه، والمصلحة الأمريكية موجودة حاليا في المنطقة ويسعون للحفاظ على مصالحهم، لكن بمجرد إنتفاء هذه المصالح ستنسحب أمريكا، لذلك على الجميع الإدراك أنه لايمكن التعويل على القوى الخارجية لبناء نظام ديمقراطي.

8-إذا كيف يمكن للإدارة الذاتية وسوريا عامة الاستفادة من التجربة الأفغانية ومنع تكرار تلك التجربة في سوريا؟

هذا ما نكرره دائما وكنا نؤكد عليه حتى قبل أحداث أفغانستان، ونقول بأن الثورة هي ثورة مجتمعية ويجب أن تنطلق من الديناميكيات المجتمعية وتعتمد على الذات، والقوى الخارجية قد تكون موجودة وقد يكون تواجدها مفيدا أو مضرا في تلك اللحظة، ولكن الثورة لاتبنى على القوى الخارجية ويجب أن تعتمد على الديناميكيات الداخلية، وطبعا الأخيرة قد تتعرض لمصاعب جمة، ولكن إن كنت تريد إنجاح ثورة يجب أن تتحمل تبعاتها، وإننا نعتمد على هذا المبدأ، فمثلا أنظر الإدارة التي تشكلت في روجآفا وتوسعت لتشكل شمال شرق سوريا اسمها “الإدارة الذاتية، وقوات الحماية الذاتية وحتى القوى المجتمعية نسميها بقوات الحماية الجوهرية أو الذاتية” يعني المبدأ الأساسي هنا في ثورة شمال شرق سوريا هو الاعتماد على الذات والانطلاق من الذات لمواجهة الاحتلال ومن يرفض النظام الديمقراطي ومن يصر على المركزية، فأهم درس يمكن استنباطه مما يحدث في المنطقة هو أن نطور قوانا الذاتية دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا واجتماعيا واقتصاديا ومجتمعيا، ويجب أن نعلم أنه لا يمكن نجاح ثورة اعتمادا على قوى خارجية بل يجب الاعتماد على الذات.

9-أيضا في مسعى الإدارة الذاتية الاعتماد على الذات افتتحت ممثليات في دول أوربية والتي تعرضت لانتقادات شديدة ن قبل حكومة دمشق وتركيا، فما مدى أهمية هذه الممثليات ولماذا تخشاها دمشق وأنقرة؟

أولا أود أن ألفت النظر إلى نقطة وهو يجب عدم المبالغة في موضع افتتاح هذه الممثليات، فافتتاحها لا يعني أن تلك الدول اعترفت بالإدارة الذاتية واعطتها الشرعية، لأن هذه المناطق تابعة لسوريا وفي البروتوكولات الدولية والأمم المتحدة مازالت هذه المناطق جزء من سوريا، ومقعد سوريا في الأمم المتحدة تمثلها حكومة دمشق وهذا يعني أنه لاوجود لهذه الإدارة خارج إطار سوريا ومادامت الإدارة ضمن سوريا لا يمكن لأحد في ظل هذه الظروف القبول بهذه الإدارة وبسوريا بنفس الوقت والأخيرة تعيش نظام مركزي، فمتى يمكن الاعتراف بهذه الإدارة؟ عندما تتغير صيغة وتعريف نظام الحكم في سوريا، أي عندما الدستور السوري يقبل باللامركزية في سوريا، فحينها يمكن لتلك الدول الاعتراف بهذه الإدارة ككيان مثلما يحدث في العراق وإقليم كردستان، فهناك يتم التعامل مع الإقليم ضن العراق ولكن له خصوصيته، إذا أردنا أن يتم التعامل مع هذه الإدارة بخصوصية ضمن سوريا هذا يعني أنه يجب أن نسعى إلى كتابة دستور سوريا الجديد أو أن يتفق الجميع على تسمية ماهية سوريا وأن لا تكون مركزية، وفي هذا الإطار أؤكد أنه يجب ألا يخلق افتتاح هذه الممثليات مخاوف لدى أحد وكأن هذه الإدارة تتوجه إلى الانفصال أو تقسيم سوريا أو ككيان مستقل عن سوريا، فلا وجود شيء من هذا القبيل، فهذه الممثليات تمثل الإدارة لتسيير الجالية السورية ممن هم من سكان شمال شرق سوريا في تلك الدول بالإضافة إلى تنسيق العلاقات الدبلوماسية مع جميع الأطراف في تلك الدول، وطبعا يعتبر افتتاح الممثليات خطوة إيجابية وحصول تطور في علاقات الإدارة ولكن يجب ألا ينظر إليها الآخرون بأنها سعي للانفصال، ولكن هي تعبر عن سوريا الديمقراطية في المستقبل.

10-في الحديث عن نظام الحكم في سوريا، ظهر مؤخراً تصريحات جديدة للأسد الذي تحدث فيها عن اللامركزية ووصفها بأنها تحل المشاكل، كيف ترون تصريحات الأسد وما أهميتها؟

تناول هذا الموضوع والعمل على شرحه ومناقشة هذا المصطلح اعتبره شيء إيجابي وخطوة باتجاه الطريق الصحيح، وقد تكون خطوة نحو توجيه البوصلة صوب هذا الطريق، ولكن هناك الكثير من الخطوات التي يجب القيام بها، طبعا هو حاول الشرح بطريقة لإثارة المادة 107 من قانون الإدارات المحلية، ولكن في نفس الوقت استخدام مصطلح اللامركزية تعتبر إيجابية، ولكن بالمجمل كموقف سياسي من شخصية يمثل رئيس جمهورية يجب إيلاء الأهمية لهذا الأمر، وإننا كنا نذكر هذا منذ بداية الأزمة وحتى اللحظة، ودائماً كنا نؤكد أن المركزية في الحكم لا تساعد على تطوير سوريا وتخنق سوريا وشعبها وتدخلها في الأزمات وتساهم في تعقيد الأزمات، لذلك النظام المركزي بات خالق للأزمات، ولابد من الانفتاح وتحول ديمقراطي في سوريا، واللامركزية ستجعل من سوريا دولة ديمقراطية مزدهرة ويلتزم فيها الجميع بواجباته ويصبح لكافة مكونات الشعب السوري وتعيش كلها بحرية ضمن هذا البلاد، ولكن بشرط أن يعتمد على نظام ديمقراطي.