أخبار عاجلة

احتجاجات السويداء… سوء الأوضاع المعيشية يظهر بأبعاد سياسية

واصل سكان في مدينة السويداء وريفها في الجنوب السوري الاحتجاج لليوم الرابع على التوالي. وبدأت الاحتجاجات في مدينة السويداء، الخميس الماضي، بسبب قرار الحكومة رفع الدعم عن بعض المواد التي تحتاجها مئات آلاف العائلات السورية. وقُطعت الطرقات الرئيسة مع العاصمة دمشق والريف المحيط بالسويداء، فيما عُقد اجتماع بين محافظ المدينة نمير مخلوف وعدد من المحتجين الذين رفعوا مطالبهم إلى الحكومة السورية ودعوها إلى التراجع عن قرارها. لكن الحكومة تجاهلت مطالب المحتجين وماطلت بالاستجابة لتتجدد التجمعات ورفع المطالب وسط مدينة السويداء والبلدات المحيطة، منذ الأحد الماضي، 6 فبراير (شباط)، حيث تمثلت برفع شعارات تطالب بتوزيع عادل للثروات إضافة إلى حمل شعارات سياسية تطالب بالتغيير وفق القرار الدولي رقم 2254. وبحسب رئيس تحرير موقع “السويداء 24″، ريان معروف، فإن “عدم استجابة الحكومة للمطالب في اليوم الأول سبب تضخم الاحتجاجات في المحافظة وأخذت منحىً تصاعدياً مستمراً”.
وشكل قرار رفع الدعم عن بعض المواد من قبل الحكومة السورية الشرارة لانطلاق الاحتجاجات، إضافة إلى جملة أسباب دفعت سكان السويداء إلى الخروج إلى الشارع خلال الأيام الماضية، منها تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة في البلاد وازدياد الفقر وانعدام الأمن الغذائي إضافة إلى حالة الانفلات الأمني في المحافظة حيث يحمل المحتجون الحكومة السورية والقوى الأمنية المرتبطة بها مسؤولية هذا الفلتان، بحسب مسؤول “موقع السويداء 24”.
وضَعُفت سيطرة قوى الأمن التابعة للنظام السوري على المحافظة منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد في مارس (آذار) 2011، مع وجود المؤسسات الحكومية ومراكزها الأمنية والعسكرية في أرجاء المحافظة، وعلى الرغم من اختلاف تعامل هذه القوات الأمنية مع السكان مقارنة بباقي المناطق السورية “إلا أن القبضة الأمنية هشة في محافظة السويداء”، بحسب ريان معروف، في ظل ظهور فصائل محلية برزت في المحافظة منذ عام 2014 رفضت التحاق الشبان الدروز بالتجنيد الإجباري.
لقاء المحافظ

يوم الخميس الماضي وعند بدء الاحتجاجات في المدينة، أرسل محافظ السويداء وفداً للقاء المحتجين الذين قطعوا طريق المدينة مع العاصمة دمشق بالإطارات المشتعلة. وضم الوفد مسؤولين في المحافظة وجرى على إثره لقاء بين ممثلين عن المحتجين مع المحافظ نمير مخلوف الذي طالبهم بالتهدئة والتروي، مشيراً إلى أن الحكومة تعالج القضية وأنهم كمسؤولين غير راضين عن قرار رفع الدعم، في حين اعتبر المحتجون كلام المحافظ مجرد وعود وأنه غير قادر على تلبية المطالب.
وعلّق معروف على ذلك بالقول، إن “النظام يحاول التواصل مع الوجهاء والزعامات الدينية لتهدئة الأوضاع على الرغم من عدم وجودهم في الحراك. ويحاول النظام من خلالهم تهدئة الشارع عبر وعود من مسؤوليه والمحافظ وبعض المسؤولين الأمنيين، مفادها أن الحكومة تعمل على الاستجابة لمطالب المحتجين”.
من جهته أوضح سمير عزام، منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين في السويداء، أن “الاحتجاجات لا تزال في بدايتها وستتسع في الأيام والأسابيع المقبلة”، مضيفاً أن “مطلب الناس وفصائل الحماية الذاتية بمحافظة السويداء متسق مع الخيار الثالث الذي اتخذته محافظه السويداء منذ بدايات الصراع المسلح بين طرفي الاستبداد والإقصاء”، في إشارة إلى النظام وفصائل المعارضة.
ويعتبر عزام أن “الدولة القومية المركزية فشلت في تحقيق المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين السوريين أو في إحداث تنميه متوازنة بين المناطق والمحافظات السورية، فيما فشل الإسلاميون بمحاولاتهم إقامة دولة خلافة وإمارات إسلامية”.

“اللامركزية هي الحل”

يرفع المتظاهرون في الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة الجنوبية، إلى جانب مطالبهم، العلم الخاص بالطائفة الدرزية ذا الألوان الخمسة، ويرى عزام أن الاحتجاجات التي تشهدها مدينة السويداء “تعود أيضاً لأسباب غير مباشرة وتتمثل في المطالبة بالمساواة في الحقوق مع جميع السوريين. وتحسين الوضع المعيشي والخدمي المزري للسوريين بمناطق النظام بشكل عام وبالسويداء بالأخص”، فيما يبقى الحل الوحيد للأزمة التي تعيشها البلاد تطبيق نظام لا مركزي يضمن المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين مكونات السوريين ومناطقهم ومحافظاتهم ويبقي على سوريا موحدة”. وأضاف عزام أن مطلب “اللامركزية الإدارية مطلب جماعي لسكان السويداء ومن شأنه إحداث تنمية اقتصادية للمحافظة بعدما حصرت الدولة المركزية النشاط الاقتصادي والسياحي بمدينتي دمشق وحلب وحولت بقية المناطق السورية إلى مصدر للمواد الأولية بأسعار زهيدة ومصدر للأيدي العاملة بأجور بخسة وسوق لتصريف المنتجات بأسعار عالمية”.
وأشار عزام في حديثه لـ”اندبندنت عربية” إلى أن “الفقر طال جميع سكان السويداء إلى جانب سوء الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والصحة”، مضيفاً أنهم يطالبون بالتغيير “سواء بالاحتجاجات في الشارع أو في المجالس أو الأندية الاجتماعية”.

رجال الدين ليسوا على الحياد

وحول دور رجال الدين الدروز في الاحتجاجات الجارية في السويداء، قال إن “المعتقَد الدرزي يفصل الدين عن السياسة والسلطة الدينية تدلي برأيها فقط في القضايا المصيرية والاجتماعية”، مشيراً إلى “رئيس الهيئة الروحية للموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري أصدر بيانَين خلال الشهرين الماضيين تبنى فيهما مطالب الناس وطالب الحكومة بتأمين أسباب المعيشة والخدمات لهم”.
المصدر: Endependent العربية