المقاومة البطولية التي بدأتها المناضلة ليلى كوفن ومجموعة من رفاقها الذين انضموا معها؛ عبّرت عن حجم الإرادة القوية في مواجهة فاشية الدولة التركية وممارساتها الاستبدادية؛ مقاومة المضربين عن الطعام أكدت مرة أخرى على إنها نوع هام من أنواع المقاومة في إثبات الإرادة والمضي بعزم في الوقوف أمام مجمل المشاريع التي تستهدف هوية شعبنا في باكور كردستان ومحاولة استهداف إرادة الكردستانيين في إيمرالي من خلال حالة العزلة والتجريد الممنهجة بحق القائد عبد الله أوجلان؛ صاحب رؤية الحل الديمقراطي ومشروع الأمة الديمقراطية والسلام. المقاومة التي بدأتها المناضلة كوفن في تشرين الثاني من العام الماضي وانضمام الآلاف إلى هذه المقاومة واستشهاد البعض من المضربين المناضلين أثرّت تأثيراً بالغاً، حيث جعلت الداخل التركي وبخاصة بعد الوضع المتأزم بعد الانتخابات التي جرت في آذار من العام الجاري وخسارة أردوغان لكبرى المدن التركية في وضع متأزم أكثر، أمام هذه الوقائع حققت مقاومة المضربين عن الطعام نتائج هامة وفي البداية هدفها الأساسي هو رفع العزلة واللقاء مع القائد عبد الله أوجلان الذي تم في ٢ و ٢٢ أيار المنصرم بينه وبين محاميه، اللقاء هذا والذي جاء بعد عزلة دامت لأكثر من تسع سنوات أثّر إضافة إلى الداخل التركي في المحيط الإقليمي أيضاً.
انتصار المضربين عن الطعام والسماح للمحامين باللقاء مع القائد عبد الله أوجلان لم يكن نابعاً من الانفتاح التركي على هذه القضية، بل على العكس تماماً، أمام ممارسات الدولة التركية وخلال الـ/٢٠٠/ يوم من الإضراب لشتى الوسائل من أجل تفريغ مشروع الإضراب ومحاولة عرقلة بعض الأمور لعل الإضراب ينتهي دون أن يكون هناك أي خطوة من قبل الدولة؛ انتصر المضربون وهذا الانتصار مقارنة مع سياسات وفاشية الدولة التركية وفي هذه الظروف الخاصة التي تمر بها المنطقة يعتبر كسر لشوكة الدولة التركية المحتلة وفشل لأساليبها التي تستهدف النيل من إرادة وهوية الشعب الكردي في باكور كردستان وممثليهم في الأحزاب والمؤسسات.
الرسالة التي وصلت من إيمرالي وتطرقها لجملة من الأمور خلقت نوعاً من الارتياح لدى عموم الشارع الكردستاني وكذلك ساهمت هذه الرسالة في خلق جو آخر مغاير للجو المشحون الذي ساد بفعل عدم معرفة أية معلومات عن صحة ووضع القائد عبد الله أوجلان، من خلال انتصار المضربين عن الطعام والرسالة التي وصلت من إيمرالي، الأمور بشكل عام وفي تركيا والمنطقة باتت تتوجه نحو تطور جديد تستطيع فيه الأطراف الحريصة على خلق الاستقرار في المنطقة الانطلاق من الأرضية التي طرحها أوجلان وهو الحل الديمقراطي والحوار الفعلي.
عملياً المقاومة الفدائية التي حققت هذا الانتصار التاريخي وبتلاحم الشعب الكردستاني كافة في الداخل والخارج جددّ من مسيرة النضال وأكد على استمراريته، حيث أظهر حقيقة إن المقاومة والنضال طريقاً بات لا يحمل أيّة خيارات سوى الانتصار؛ هذا هو العامل الهام والرئيسي الذي لا يتأثر بكل الممارسات وبخاصة من تلك التي تريدها الدولة التركية المحتلة ومن معها.
الصمت العالمي الذي رافق حملة الإضراب الفدائية في المناطق كافة؛ لم يكن مناسباً ولم يكن يليق بمهام المؤسسات التي تحرص في كل خطاباتها الحفاظ على حقوق الإنسان وما شابه، الانتصار الذي حققه المضربون كما هو هام للشعب الكردستاني هو هام لكل العالم من ناحتين هامتين الأولى حقيقة الظلم والفاشية الموجودة في تركيا وهذه السياسة تؤثر على كل الشعوب في العالم، وكذلك حقيقة الخيارات الموجودة لدى الشعب الكردي في المقاومة وتأكيده على الانتصار بالرغم من كل العراقيل.
لا شك المقاومة مستمرة والنضال مستمر، وما حققتها المناضلة ليلى كوفن ورفاقها وكل الذين التحموا مع هذه المقاومة هو ميراث تاريخي هام؛ يمكن الاستناد عليه كما باقي المواقف النضالية للمناضلين في سجون الدولة التركية المحتلة وباقي أجزاء كردستان، بهذا النهج انتصرت المقاومة الفدائية التي دامت لـ 200 يوم وبالنهج ذاته وبالنضال المستمر سيتم تحقيق الحل الديمقراطي والانتصار على الفاشية والاحتلال .