لا شك في أن الملف السوري كان محلًّا لكثير من التقاطعات الروسية-الإيرانية في المصالح، فقد اشتركت الدولتان في منع سقوط النظام السوري، ودعمتاه عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. وما يجمع بين الطرفين هو مواجهة امتداد النفوذ الغربي إلى سوريا، إذ تنظر كل من طهران وموسكو إلى الغرب على أنه عدو مشترك، وبشكل أدقّ يبدو أن العداء المشترك للولايات المتحدة الأميركية هو أهم عوامل التقارب في كثير من ملفات المنطقة.
ويمكن القول إن العلاقات بين كل من موسكو وطهران تتأثر سلبًا وإيجابًا بحجم الضغوط التي تمارسها واشنطن على الجانبين أو على الإيرانيين بوجه خاص.
بالمقابل، فإن التناقض بين مصالح موسكو وطهران في الملف السوري أكبر من أن يتم إخفاؤه، فبعد أن اعتمد الروس خلال السنوات الأولى لتدخُّلهم العسكري المباشر في سوريا على النفوذ الإيراني الأمني والعسكري، شرعوا في خطواتهم الخاصة من أجل هيكلة مؤسسة عسكرية منضبطة، بعيدًا عن الحالة التي أفرزها التدخل الإيراني، ومن الخطوات الروسية المهمة في هذا السياق حلّ الفصائل المحلية العاملة ضمن ما يسمى “الدفاع الوطني”.
ووفق للمصادر تستمر القوات الروسية في سوريا بعمليات تدريب المزيد من عناصر الفرقة 25 مهام خاصة.
إن الفرقة 25 قوات خاصة تقوم بنقل مقاتلين عبر مطار حميميم العسكري بعد تلقي التدريبات المطلوبة، إلى روسيا ثم أوكرانيا للمشاركة في القتال، ووصل عدد المقاتلين السوريين الذين وصلوا بالفعل إلى الأراضي الأوكرانية تقدر بنحو 2000.
وتعتبر الفرقة 25 بمثابة ذراع عسكرية لموسكو في صفوف القوات السورية.
ومن جهة أخرى تشير مصادر إلى أن الاستخبارات التركية قد بدأت بالفعل في إرسال الدفعة الأولى من مرتزقة “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، من شمال سوريا إلى قارة إفريقيا، في خطوة هدفها تمديد الأزمة السورية وتوجيهها نحو التعقيد.
ظهرت روسيا بشكل مستمر أنها المتحكم الأساسي في قرار النظام السوري والمسار السياسي للأزمة، فهي تشرف على مسار اللجنة الدستورية، الذي يبدو أن طهران غير متحمسة له.
هذا وقد أصبح لواء القدس الفلسطيني لإيران أيضا اثر الخلافات الروسية الإيرانية لروسيا، وأصبح الان يتلقى تمويلا من روسيا.
يُضاف إلى كل ما سبق ملف مهم يُبرز تضارب المصالح الإيرانية-الروسية في سوريا، وهو ملف الصراع على الثروات والطاقة، إذ تضع روسيا نصب أعينها النفط والغاز في حوض البحر المتوسط، والسعي للاستحواذ على مخزون الفوسفات الطبيعي، وتلك التحركات تتصادم مع المساعي الإيرانية الرامية إلى استكمال خط الغاز باتجاه أوروبا عبر البحر المتوسط.