آلدار خليل –
مع مرور ثماني سنوات على الثورة السورية وبالرغم من التطورات التي تشهدها الساحة السورية؛ إلا إن ما بات مكرراً بالدور والسياق نفسه الذي يُراد منه الحصول على مكاسب على حساب الشعب السوري هو النهج الذي بدأت فيه الدولة التركية سياستها في سوريا منذ البداية حتى الآن؛ حيث إن أكثر الأمور التي تؤكد بأن تركيا تريد أن تخطو بكل خطواتها على ما يضّر الشعب السوري ويعرقل الحل في سوريا هي تلك الحالة التي تتواجد فيها تركيا اليوم في سوريا؛ من حيث الاحتلال، التجاوزات، دعم الإرهاب، إعاقة التوافق السوري، بالإضافة لدعمها لجماعات ترى نفسها محسوبة سياسياً ضمن كيان المعارضة المعتدلة المفترض.
إن ما حدث في عفرين قبل عام من الآن لم يكن بالمرحلة السهلة بالنسبة لتركيا، كما إنها لم تكن -تلك المرحلة- عادية خلال فترة التدخل التركي وممارسة تركيا في سوريا، حيث كان هدف المواجهة مع تركيا ومرتزقتها من قبل القوات المقاومة في عفرين خياراً غير متوقع أمام التحشيد والهجمة التي تم الإعداد لها من قبل تركيا ومرتزقتها؛ لو لم تكن تلك المقاومة وتلك الروح التي ظهرت؛ لما كانت تركيا أمام مرحلة تجد فيها بأنه يجب عليها مراجعة بعض الأمور خاصة حينما يكون شمال وشرق سوريا هو الهدف. المقاومة التي ظهرت والشعب الذي ساندها بقوة ودعم فيها خيار المقاومة والبطولات التي ظهرت والتي لا تزال حتى الآن قائمة. ولكن؛ بوصف المرحلة وتفاصيلها الحالية هي من صنعت تفاصيل جديدة باتت اليوم محور اهتمام في كل المجالات.
تمرّ في هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لاحتلال الدولة التركية الفاشية ومرتزقتها لعفرين بعد المقاومة البطولية، حيث بعد عام من الاحتلال والممارسات اليوم نحن أمام أحداث ربما لا يوجد لها مثيل في سوريا والمنطقة سوى الممارسات التي ظهرت من داعش. ولكن؛ تركيا ألبست الممارسات تلك رداء سياسياً وجيّشت من أجل ذلك الإعلام، حالات الخطف، القتل، الممارسات غير الأخلاقية، التغيير الديمغرافي، تدمير المعالم التاريخية، التهجير والنهب؛ جميعها ممارسات فعلتها داعش والتي بسقوطها اليوم في الباغوز ضربة قوية تريد تركيا البقاء على ثقافتها وفكرها في عفرين وكل المناطق التي تطالها يد الدولة التركية لعلها تعود من جديد.
أثمر خيار المقاومة المستمر في عفرين حتى الآن عن شهداء وجرحى بعدد يفوق الألف وخمسمائة، وما هذا العدد إلا دلالة كبيرة على الروح البطولية التي تنبض في وجدان الشعب الذي رفض أن يكون هناك أي بديل للمقاومة أمام الهجوم بقصد الاحتلال وطمس الهوية؛ تماماً كما تمثل عفرين اليوم قبلة للمشروع الديمقراطي. واحتلالها هو اعتداء على المشروع الديمقراطي لكل المكونات والأطياف السورية وخرقاً لكل القوانين والأعراف الدولية بما فيها المعايير الأخلاقية، فتمثل عفرين برمزيتها ومكانتها كمدينة مقاومة كردستانياً؛ والاعتداء عليها ما هو إلا اعتداء على الأجزاء الأخرى من كردستان؛ كون الهدف من عفرين ما كان إلا ذلك وما كان إلا للنيل من التقدم نحو أن يكون الكرد ومعهم المكونات الأخرى في المنطقة رواداً لتجربة نوعية في المنطقة؛ تضمن حقوق كل الشعوب التي تم إنكارها لسنوات بغض النظر عن التفاصيل التي تتمسك بها الدولة التركية وبعض الشوفينيين؛ كون كل ما يتحدثون عنه من قبل محدودية المشروع الديمقراطي ليس إلا تغطية للعداء العميق للحقوق المشروعة للشعوب.
الانتصار اليوم في الباغوز والقضاء على داعش هو انتقام لكل من اعتدى على عفرين وغيرها من المناطق السورية؛ بغرض التدمير والاحتلال كذلك الانتقام لكل العالم الذي عانى من إرهاب داعش وقدم ضحايا؛ ما يستوجب على كل العالم وشعبنا في الأجزاء الأربعة والمؤسسات الأممية والحقوقية العمل ووضع كل الإمكانات لما يحد من الدور التركي في عفرين وضرورة تحريرها ومنع أن يمر عام آخر والاحتلال يتواجد في عفرين.
لا يمكن الحديث عن أي نهاية كاملة للإرهاب وهناك قوى لا تزال تدعمها تركيا ولا تزال تحتل عفرين ما يؤكد بأنه لا استقرار في سوريا ولا حل مع وجود عفرين تحت الاحتلال التركي، إضافة لهذا خيار تحرير عفرين يمثل الأولوية وتحريرها خيار استراتيجي ودائماً كل الإمكانات ستكون لتحقيق ذلك؛ حيث بالروح المقاومة في عفرين وعموم شمال وشرق سوريا وبالتحام الإرادة التي تواجه الإرهاب والاحتلال مع الروح المقاومة في نوروز؛ سيتم تحرير عفرين؛ بدوام المقاومة ورفع وتيرتها ستنتصر الشعوب وينتصر فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية، وبهذا النصر تنكسر العزلة المفروضة على القائد أوجلان