مالم تتوقف الهجـ.ـمات التركية على شمال وشرق سوريا فلا جدوى من تصريحات واشنطن بسعيها للحفاظ على أمان المنطقة

منذ سبتمبر عام 2014 يتواجد التحالف الدولي في شمال وشرق سوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية لتقديم الدعم العسكري في سبيل دحر تواجد “داعش” وخلاياه في المنطقة.

وما إن تواجد التحالف في شمال شرق سوريا بدأت دولة الاحتلال التركي بشن الهجمات على البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية، بهدف تشتيت انتباه القوة العسكرية في المنطقة وانحرافها عن هدفها الأساسي في دحر الإرهاب إلى الارتباك والانشغال في تصحيح مسار الحياة المدنية بعد كل هجمة تقوم بها تركيا حيث تلحق أضرار بالغة بالبنى التحتية، ما ينعكس سلبا على حياة المدنيين العزل.

فخلال العام الماضي (2023) شنت تركيا هجومين عنيفين على مناطق شمال وشرق سوريا باستخدام الطائرات الحربية والمسيرة، الأولى كان في تشرين الأول والثاني في كانون الأول، والملفت للانتباه إن كلا الهجومين استهدفا البنى التحتية والمنشآت الحيوية والاقتصادية من مياه وكهرباء ومدارس والنفط والغاز وصوامع الحبوب.

هذه الهجمات جاءت بعد الجولة العشرين لاجتماع أستانا الذي عقد في 20 و21 حزيران 2023، حيث اتفق فيه رباعي استانا (تركيا، روسيا، إيران والحكومة السورية) على استهداف الإدارة الذاتية ومناطق شمال وشرق سوريا بشكل مشترك عبر مخططات مدروسة.

ولذلك حاولت الحكومة السورية وإيران خلق توترات وخلافات بين قوات سوريا الديمقراطية والعشائر العربية في دير الزور، بالتزامن مع تحريض تركيا وإعلامها ضد قسد وشنها لهجمات برية عبر فصائلها على قوات سوريا الديمقراطية باسم العرب السنة الذين يتعرضون للتمييز على يد تركيا نفسها والتي تدعم الفصائل التركمانية وتسعى لتصفية الفصائل العربية السنية رغم أنها تابعة لها.

إيران، تركيا، روسيا بالإضافة للحكومة السورية يلتقيان ويشتركان بهدف واحد ألا وهو إخراج الولايات المتحدة من مناطق شمال وشرق سوريا في سبيل القضاء على الإدارة الذاتية ليتسنى لهم السيطرة على المنطقة والأهم السيطرة على مصادر النفط والغاز، حيث تقدم كل من الحكومة السورية وإيران دعما واضحا لـ “داعش” من خلال تسهيل مرور خلاياه من مناطق سيطرتهما في عمق البادية السورية إلى مناطق شمال وشرق سوريا عبر نهر الفرات، وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد كشف خلال عام 2023 كيف أن إيران والحكومة السورية لعبتا دوراً كبيراً في تسهيل هجوم “داعش” على سجن الصناعة في مدينة الحسكة عام 2022 والذي يضم عناصر التنظيم المعتقلين وخصوصاً القادة منهم والذين يتعبرون خطيرين جداً.

ومن جانبها تأوي تركيا عناصر وقادة “داعش” في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها، ومنحتهم هويات مزيفة وتأمن لهم الحماية والتنقل الكامل وفقا لمصالحها ومخططاتها.

في أكتوبر/تشرين الأول 2019 قُتل زعيما التنظيم البارزين أبو بكر البغدادي ثم أبو إبراهيم القرشي في فبراير/شباط 2022 على يد القوات الأميركية في محافظة إدلب شمال غرب سوريا وعلى بعد مئات الأمتار من نقاط المراقبة التركية.

كما قتل الزعيم الرابع للتنظيم أبو الحسين الحسيني القرشي أيضاً في إدلب شمال غرب سوريا، والمعروف أن إدلب محتلة من قبل تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها.

وطيلة فترة تواجد قوات التحالف الدولي في شمال وشرق سوريا، اعتقلت العديد من قادة التنظيم في المناطق السورية المحتلة من قبل تركيا.

وفي أول أيام العام الجديد، قامت فصائل الجيش الوطني بتهريب 7 عناصر وقياديين من “داعش” يحملون الجنسيتين العراقية والسعودية من إحدى السجون في بلدة الراعي المحتلة تركياً.
ولكن رغم أن استهداف تركيا للبنى التحتية والمنشآت والأعيان المدنية يعتبر وفق القانون الدولي جريمة حرب، إلا أن التحالف الدولي والولايات المتحدة ومجلس الأمن ما زالوا صامتين حيال الهجمات التركية على شمال وشرق سوريا، فإذا كان هدف التحالف الدولي هو القضاء على “داعش”، فيتوجب العمل على إيقاف الهجمات التركية على قوات سوريا الديمقراطية التي تعمل على محاربة “داعش” وحماية أمن واستقرار المنطقة، وكذلك منع تركيا من استهداف البنى التحتية والمنشآت الحيوية، ما زال التحالف يؤكد دائما على الحفاظ على أمن وأمان المنطقة واستقرارها، وإن لم تتوقف الهجمات والانتهاكات التركية بحق شمال وشرق سوريا، فبالتالي لا جدوى لتواجد التحالف الدولي في مناطق الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا.