حالة الفوضى التي لا تزال تسيطر على الوضع السوري بشكل عام والجهود التي لم تظهر منها أية نتائج عملية ملموسة كل هذا؛ يزيد من التعقيد في المشهد السوري ويفتح احتمالات الابتعاد عن الحل بنسبة أكبر من تحقيق الحل ذاته، حيث مع الحالة الموجودة والظروف الحالية بكل تفاصيلها؛ لا تزال عملية التشخيص الدقيق لآليات الحل غائبة، وهنا لا يمكن أن يكون هناك أي حل ولا سيما الذي يمكن أن يحقق طموح ورغبة السوريين في تحقيق الاستقرار أو الانتقال نحو سوريا جديدة ديمقراطية وتعددية يوجد فيها كل أبناء الشعب السوري دون استثناء.
تحاول القوى التي لا ترى بأن الحل السوري ـ السوري لصالحها؛ بكل إمكاناتها العرقلة هنا والدفع بالفوضى لتتعمق هناك؛ تريد القوى المذكورة أن يبقى المشهد السوري على حاله والتطورات التي تحدث في سوريا أن تكون في ملف الفوضى والتعقيد لا أكثر؛ هذا المسعى تمثله تركيا بالشكل الكامل ومعها من يريدون إبقاء تركيا في سوريا كون ذلك يحقق لهم ما لا يحقق الحل الذي تم التطرق إليه، أي الحل السوري الوطني مع العلم؛ إنهم يطرحون في كل مناسبة بأنهم مع تحقيق مصلحة وأهدف الشعب السوري. ولكن؛ كله كلام لا أكثر!. هنا نحن لا نقيّم، بل نظهر الجانب العملي والواقع الفعلي لأدائهم ليس إلا!
أثبتت السنوات التي مضت من الأزمة والتعقيد في سوريا بكل جوانبها بأن الوحدة الوطنية السورية والاتفاق السوري – السوري هو الحل، بمعنى إن هناك أطراف من السوريين لديهم نوايا حقيقية وجادة في تفعيل عملية الحل والانتقال نحو الاستقرار في سوريا، بالإضافة لوجود من هم عكس هذا التوجه. لقد أبدت الإدارة الموجودة في شمال وشرق سوريا والتي تمثل الطيف الواسع من مكونات المنطقة في كل المراحل التي مضت استعدادها لأن تكون جزءاً من الحل على أساس التوافق السوري. لذا؛ فإن الدعوات التي تم إطلاقها لو تمَّ الأخذ بها لكان على الأقل هناك تطور هام في هذا المجال على الأقل ظهور منصة سورية واحدة لديها برنامج حل ديمقراطي نابع من إرادة السوريين الكاملة مع التأكيد بأن المنصة وبشكلها المناسب لمنطقة شمال وشرق سوريا هي موجودة. لكنها؛ لا يزال ينقصها الوجود المكثف من القوى الديمقراطية التي تؤمن بالحل الديمقراطي في سوريا.
وحدة الترابط ما بين الشعب السوري وحدة عميقة، حيث إن الصراع الآن بشكله العام ليس صراعاً سورياً – سورياً لا، بل هناك من يريد جعله كذلك؛ بمعنى هناك من يريد إخفاء الهوية السورية الحقيقية والتي تتسم بالتنوع والعيش المشترك والتعددية، الهوية الوطنية السورية مهددة الآن من جوانبها كافة؛ كون من يريد تشويه حقيقتها وبث الصراع ما بين السوريين الأصلاء المنتمين إليها هدف ظهرت آليات السعي إليه بأكثر من محاولة وأكثر من مخطط ولا يزال هناك من لديه الإصرار في دوام عملية تفتيت وحدة المجتمع السوري.
الاستناد إلى فلسفة الأمة الديمقراطية التي تم العمل بها خلال السنوات الماضية طوّقت كل المحاولات المذكورة وأفشلت الجهود الرامية لخلق الصراع ما بين السوريين والذي كان هدفاً ولا زال من أجل التغطية على الممارسات التي تتم ضد الشعب السوري في جانبها المخفي، لو أردنا تحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة مجتمعنا السوري ومن أجل تحقيق الحل الوطني السوري؛ فإن الظروف والتوقيت يحتاج لأن يكون هناك وحدة في الموقف قبل كل شيء، بمعنى بناء موقف سوري- سوري يتم فيه تحديد برنامج الحل ويكون فيه تمثيل حقيقي لرغبة السوريين، الاحتلال والإرهاب والانتهاكات إضافة للتفاهمات جميعها عوامل خطيرة ومهددة لمستقبل الشعب السوري قطعاً. على القوى الديمقراطية التي تريد البدء ببرنامج أن تتخذ موقفاً واحداً ومسؤولاً يؤدي إلى منع زيادة الفوضى في سوريا من جهة ومن جهة أخرى تبني هذه القوى الأرضية السليمة للحل الوطني السوري. ساهم الشمال السوري ومكوناته المتعددة في الحفاظ على وحدة السوريين من خلال وحدة المجتمع المقاوم الذي أظهر بأن تجاوزه صعب جداً وكذلك شمال سوريا بنموذجها الديمقراطي ومؤسساتها؛ خلقت أرضية مناسبة لولادة أي موقف أو توافق سوري؛ كون الإصرار الذي ظهر خلال السنوات الماضية في منطقتنا حول جملة الأمور التي تحقق مصلحة الشعب السوري عامل دعم كبير للحل العام في سوريا .