المنظمات الدولية ما بين الحياد والانحياز

لقد باتت الشعارات والعناوين العريضة صفة تتميز بها المنظمات الدولية والمحلية الحقوقية منها والمدنية , ومناداتها بحيادية وعدم الانحياز لأي طرف مما قد يكون على حساب الطرف الآخر، مجرد وهم والأحداث التي نراها في الواقع خير برهان على ذلك، وشاءت السياسة والمصالح الدولية بأن يجتمع حدثان أولهما القصف التركي على شمال شرق سوريا والثاني القصف الإسرائيلي على فلسطين.

والمفارقة العجيبة هنا هي بأن الاحتلال التركي يقوم وبشكل يومي بانتهاك كل القوانين والأعراف الدولية وعلى مرآى العالم والمنظمات الحقوقية وذلك من خلال القصف التركي على شمال شرق سوريا وضرب البنى الحيوية استهداف المدنيين ولم نشاهد أي تنديد أو تصريح أو استنكار من منصات إعلامية غير المحلية تندد بجرائم تركيا وتفضح أفعالها الشنيعة.

حتى على صعيد المنظمات المحلية التي تعمل داخل جغرافية الإدارة الذاتية فلم تخرج بتنديد واحد بخصوص الانتهاكات التركية، بالإضافة للقصف فإن تركيا تقوم يومياً بانتهاكات سواء في عفرين او سري كانيه و كري سبي فهذه المناطق تتعرض لتغيير ديمغرافي بوتيرة ممنهجة، الغريب في الموضوع أن هذا التغيير يحدث بمساندة منظمات فلسطينية وقطرية وتركية وذلك تحت شعار الإنسانية و تقديم خدمات إنسانية، وربما هنا يمكن أن نقول نظرية المؤامرة هي التي تلعب دوراً في ذلك وأن شمال شرق سوريا تتعرض لمؤامرة بمشاركة جميع الأطراف الإقليمية والدولية و بإشراف المنظمات التي تدعي الإنسانية سواء في الداخل أوالخارج، لأن المفارقة ظهرت حين بدأت إسرائيل بقصف فلسطين مع العلم بأن الطرف الفلسطيني هو الذي بدء بالقصف والهجوم العسكري.

لم تبقى منظمة ولم تندد بالقصف الإسرائيلي ولم تبقى دولة في الشرق الأوسط لم تندد بالقصف الإسرائيلي وحتى على مستوى الحراك في الشارع وقيامهم بمظاهرات واعتصامات أمام السفارات وشاهدنا تعاطف دولي حتى على المستوى الإعلامي حيث بدأت المنظمات بالخروج والتنديد على المنصات الإعلامية و تعلن جاهزيتها عن تقديم المساعدات و تعلن وقوفها بجانب الشعب الفلسطيني و تعبر عن قلقها إزاء ما تقوم به إسرائيل، حتى أردوغان خرج بتصريح يقول فيه بأن استهداف محطات المياه والطاقة يعتبر جريمة حرب لكن هذا التصريح فقط خاص بفلسطين لأنه بنفس الوقت كان يقوم بقصف البنى التحتية واللمراكز الحيوية المدنية دون أي رادع أو استنكار من أي منظمة حقوقية محلية كانت أو دولية.

هنا أردوغان يحاول أن يظهر بمظهر القائد الإسلامي ذو صورة مشرفة على المستوى الداخلي والمستوى الإقليمي وفي العالم الإسلامي مع العلم هو من يرتكب بأفظع الجرائم بحق أبناء شمال شرق سوريا في ذات التوقيت دون أي رادع و هنا يمكننا القول بأن هذه المنظمات التي تعتبر وتروج لنفسها الحيادية وعدم الانحياز لطرف على حساب طرف أخر ليس إلا خدعة وكذب لأن أغلب هذه المنظمات باتت تتعاطى بشؤون السياسية وأغلبها تظهر التبعية لدول تدعمها مادياً ولوجستياً وخوفاً منها على مصالحها وخوفها من الدول التي تدعمها فهي تواكب سياسة خاصة بالدول الداعمة لها و بذات القضية الفلسطينية التي أصبحت شماعة لكثير من الدول الإقليمية وخاصة لتركيا لضبط الشارع الداخلي .