حزب الاتحاد الديمقراطي أثبت دوماً قدرة فائقة على المرونة السياسية

( شاهوز حسن )

إن خطوة التصعيد ولغة التهديد من قبل بعض الأطراف تكمن في كون هذه الأطراف تحاول “وقف” جميع أشكال الحوار بين المكونات السورية بالتهديد, خاصة بعد أن شعرت هذه الأطراف بأن الاتصالات التي جرت بدأت تضع بذوراً لانفتاح فتحاول سحق هذه البذور قبل أن تثمر على طاولة الحوار.

لا ينفع التأكيد على أن رؤية هؤلاء لقضية الحل السوري هي أفضل من رؤية غيرهم بفضل وجودهم في السلطة, ومن ثم بناء القرار الذي ينتصر لرؤيتهم. إن قضية بناء إدارة متجانسة على أسس قويمة وعلى النوايا الطيبة والأهداف والبرامج الوطنية المشتركة هي مسألة مهمة, خاصة وأن سوريا ما زالت تعيش حالة غياب الدولة وعاجزة عن إدارة الأزمة، ونحن نعترف أن هناك ثمة أزمة حقيقية لكننا ندرك أيضاً أن هؤلاء هم من صنعوا الأزمة, وهم الآن يحاولون أن يحلوا الأزمة ولكن لحسابهم ووفق طريقتهم.

إن خيار الحوار والتهدئة والبحث عن قواسم مشتركة وطنية هو خيار طارئ, أما المشكلة الرئيسية في وجه الحل هو أن البلد تقوده مجموعة من السياسيين الذين يختزلون طوائفهم والسلطة السياسية والمصالح, ويصعب التوفيق بين مصالحهم الشخصية والمصلحة الوطنية, فضلاً عن أنهم مسؤولين تاريخيين عن منع تحقيق أي صلاح سياسي أو إداري.

هنا لابد من لفت النظر أن حزب الاتحاد الديمقراطي أثبت دوماً قدرة فائقة على المرونة السياسية والتي عبَّر عنها من خلال دعواته المتكررة إلى الحوار وطرح المشروع الديمقراطي والتعايش المشترك وأنه أصبح لاعباً أساسياً على جميع الصُّعُد في زمن العداء له ومحاولة الانقضاض عليه وعلى مشاريعه, بينما بقي الآخرون غير قادرين على إدارة مرحلة سياسية تبدو أكبر حجماً منهم, كما أظهروا عدم قدرتهم لكبح جِمَاحِ مغامراتهم, مما يبدو أنهم يأخذون بسوريا إلى مرحلة الوصاية الإقليمية.

لقد دخل حزبنا الحقل السياسي مؤكداً على ثوابته الوطنية وواجه أفخاخ السياسة الغارقة في وحول التجاذبات والصراعات والأطماع والمكاسب والتبعية دون تعنت أو توتر وحاول دوماً إقناع الأطراف الأخرى بأن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي وحتمي وبإمكان جميع الأطراف الالتقاء عند المصلحة العامة، وبذلك تجاوز حربنا الضوضاء السائدة لتصبح مدرسة في الأداء السياسي الصلب والمرن في آن واحد والمثالي والواقعي المتمسك بالمقاومة والمنحاز إلى السلام.

ويبقى “الحوار” خطوة أولى للعقل الوطني الحقيقي لكن يبدو أن ذلك يثير حفيظة بعض ممن ارتضوا لأنفسهم العمالة والتحول إلى سلاح الغدر, ومن المؤكد أنه لا يمكن البدء بعملية بناء مستقبل جديد لسوريا ما لم يتم أولاً بناء الشخصية التي تباشر عملية البناء تلك.

بالمحصلة, إن عهد الأنظمة السياسية الشمولية تنتهي والمستقبل المشرق ستكون للأنظمة اللامركزية والتي تستطيع أن تنقل شعوبها إلى عهد جديد متفتح على الثقافات والحضارات وقادرة على الدفع بشعوبها للنهوض.